معرفة اللغة تزيل سوء الفهم، ليس هذا فحسب، إنما يمكن أن تبدد الأوهام.. وبينما تأرجحت علاقاتنا مع إثيوبيا منذ القدم، بين التعاون أحيانًا والعداء والتربص من الجانب الإثيوبي في معظم الأحيان، إلا أن اللغة الإثيوبية غالبًا ما كانت غائبة في الدراسات المصرية..
وعلى أقمارنا الصناعية نحو ست محطات فضائية إثيوبية ننظر فقط لطلاسمها، وقد نشاهد رقصهم، لكننا لا نعرف ماذا يقولون. وتظل هذه المشكلة قائمة، على الرغم من وجود نسبة مسلمين مرتفعة في إثيوبيا .. وتحدث معي صديقي دكتور العظام وإصابات الملاعب الشهير مصطفي المنيري، عن سيادة حالة من النرجسية الشديدة هناك، وعندهم فإن آدم عليه السلام هبط من الجنة على هضبتهم، ومن قبله كان أول إنسان يمشي على رجليه وهو "لوسي" ، وأن أول مسجد في العالم هو مسجد "النجاشي"، وأن إثيوبيا هي أول دولة تعتنق المسيحية في العالم.
وعرفت من الدكتور المنيري أيضًا أن الإثيوبيين غير مرتاحين من "أوبرا عايدة" التي كتبها عالم المصريات الفرنسي أوغست مارييت، والتي تصور انتصار المصريين على الأحباش، بينما نظرت إليها دائما باعتبارها قصة حب بين قائد الجيش المصري راداميس والأميرة الحبشية عايدة، وتصور غضب ابنة فرعون التي تحب القائد، فهرب راداميس مع عايدة، ثم قتل..
ويذكر المثقف اليساري البارز فخري لبيب تلك الحرب بالطوب والحجارة في شوارع وحارات القاهرة في مقدمة ترجمته للرواية الألمانية "عريان بين ذئاب": كانت حرب إيطاليا والحبشة لعبة مسلية. هذه القصص شديدة التعقيد، تتطلب قدرًا من الجهد لمحاولة فهم وقراءة الخطاب الإثيوبي بلغته، وكنت أتمنى أن أجد مترجمين مصريين للغة الإثيوبية، وهي في الحقيقة لغات وليست لغة واحدة، لكن اللغة السائدة هي الأمهرية.