والجدير بالذّكر؛ أنّ أحمد الملك أظهر كتابة الرّواية دون أن يتمّ النّصف الأوّل من عقده الثالث، وفي جميع رواياته يهجس بالحرّية، وبمعاناة الإنسان العربيّ، وهمومه، ومشاكله؛ لا سيّما السّودانيّ الذي ظلّ رازحًا في خضم الحروب الأهلية والانقلابات العسكريّة تحت نظام فاشي، واستبداديّ، وقمعي، رغم أنّه تحرر من نير الاستعمار الإنجليزي.
ومن الجدير بالملاحظة، أنّ الخطّ الأساسيّ في الرّواية مكرّس لشخصيّة السّيد المشير الطاهر محمّد، كبطل تراجيدي، يمارس استبداده اللغوي والفكري، يشغل منصبًا رفيعًا في المجلس العسكريّ، وقد ظلّ يستبدّ بالسلطة أكثر من أربعة عقود، على أنّه أيام الثورة لم يكن على كتفه سوى نجمة واحدة، والشخصيات الأخرى على كثرتها في الرّواية، لا يتعدى دورها دور الكومبارس في المشهد التمثيلي.
وعلى كلّ ذلك، فَقَدَ ذاكرته، وجهل اسمه، وتاه في أرضٍ وقرية نائية، يرتدي بذلة عسكرية قديمة دون نياشين أو أوسمة أو حتى رتبة عسكرية، لا بحثًا عن بيت طفولته وذكرياته، ولا إرث مزعوم لعائلته، بقدر ما كان يبحث عن صورته في مرآة زمن ومجد ضائع، الأمر الذي جعله مثيرًا للشفقة. ومع ذلك، فإنّ اهتمام السّارد بتسليط الضوء على شخصيّة المشير الطّاهر محمّد، دون غيرها من الشّخصيات، له ما يبرره، الأمر الذي جعله يفرض ذاته في السرد، إلا أنّ الرّواية في الحقيقة تتميّز بالانسياب، والحيويّة، والوضوح، وتنطوي على العديد من القصص الفرعيّة، أَحْكَمَ السّارد ربطها، ولا تقطّع السّياق، وتناسب مقام السلطة الغاشمة القامعة.
يهيم السيد المشير بها، لكن المشكلة تكمن في خطيبها، وبمكر وخباثة، دبرت وزارة الداخلية بأمرٍ من المشير تهمة بأنّ في مكتبه منشورات للحزب الشّيوعي، تحرّض على الثورة. ومزيدًا من الإيجاز، فإنّ بحث المشير عن صفاء ليس بدافع الحبّ بقدر ما كان بدافع الحقد والكراهية والانتقام وإذلال الطّبقة المتعلمة والمثقفة وجميع من يطالب بالحرية؛ لأنّها جعلته يتذكّر دفعة واحدة فشله وكلّ هزائمه القديمة، لهذا، فإنّ صفاء تغدو أداة كاشفة، ورمزًا للحرية، وتجسد في الرّواية الصّوت الرّافض لأشكال القمع كافة، إنّها صوت الشعب المقموع، والأمّة، والوطن، لذلك تشكّل هاجسًا مخيفًا، يستوطن نفس المشير، وتقض مضجع السّلطة القامعة، وبسببها تمّ إحصاءُ سكّان ثلاث مرّات خلال عام واحد؛ لكي يتسنى لرجال...
المملكة العربية السعودية أحدث الأخبار, المملكة العربية السعودية عناوين
Similar News:يمكنك أيضًا قراءة قصص إخبارية مشابهة لهذه التي قمنا بجمعها من مصادر إخبارية أخرى.
مصدر: aawsat_News - 🏆 16. / 53 اقرأ أكثر »
مصدر: aawsat_News - 🏆 16. / 53 اقرأ أكثر »
مصدر: RTARABIC - 🏆 28. / 51 اقرأ أكثر »
مصدر: France24_ar - 🏆 24. / 51 اقرأ أكثر »
مصدر: Arabi21News - 🏆 26. / 51 اقرأ أكثر »
مصدر: aa_arabic - 🏆 8. / 63 اقرأ أكثر »