هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الأزهر لهجوم من الإعلام وبعض الرأى العام من منظور أنه متقاعس عن تجديد الخطاب الدينى وتحديث الفكر الإسلامى. ولو كان المقصود بهذه الحملة التي تتصاعد وتخفت من وقت لآخر هو تجديد الخطاب الدينى بالفعل وإطلاق طاقات الاجتهاد والتنوير في المجتمع لما كان هناك ما يثير القلق. ولكن في تقديرى أن الهجوم على الأزهر وعلى شيخه الجليل يعبر في جانب منه عن ضيق داخل الدولة وخارجها من عدم إسهام المؤسسة ورئيسها بدور كافٍ في المواجهة الإعلامية ضد تيار الإسلام السياسى.
والواقع أن هذه إشكالية لا تخص الأزهر وحده، بل تتعلق بالعديد من مؤسسات الدولة الأخرى، التعليمية والثقافية والإعلامية. والإشكالية هي كيفية التوفيق بين حرص الدولة وأجهزتها على حشد كل الأدوات المتاحة وتسخير الإمكانات من أجل تكوين رأى عام داعم لصراعها مع الإسلام السياسى ومواجه لإعلامه المدعوم من خارج البلد، ومن جهة أخرى بين الحفاظ على كيان واستقلال ومصداقية هذه المؤسسات العامة ومكانتها واحترامها لدى الناس.
لا أظن أن أحدًا يريد أن يرى مؤسسة الأزهر الشريف مدفوعة إلى معارك وصراعات سياسية أو يرى دخول شيخها الجليل الساحة العامة كما لو كان وجهًا إعلاميًا أو سياسيًا على نحو ما حدث في الأسابيع الماضية لأن الحفاظ على المؤسسة ومكانتها ومصداقيتها أهم من الأفراد. وهذا أمر ينبغى الانتباه له على وجه الخصوص عند التعامل مع مؤسسة قديمة وعريقة لها مكانة في قلوب الناس في مصر والوطن العربى، كما أن لها قيمة روحية وإنسانية وثقافية هائلة عالميًا.
الحفاظ على المؤسسات والنأى بها عن المعارك السياسية يجب أن يأخذ الأولوية. وهذا لا يعنى عدم الاهتمام بتطوير الأزهر الشريف وتشجيعه على التفاعل مع قضايا العصر ومخاطبة الشباب بلغتهم ونشر فكر دينى سمح ومعبر عن القيم الدينية والإنسانية النبيلة. ولكن التطوير والتحديث شىء، بينما الدفع بالمؤسسة وشيخها في ساحة الصراع السياسى شىء مختلف تمامًا.
أخيرًا، وفيما يتعلق بتجديد الخطاب الدينى، فإن هذه ليست مهمة يمكن أن تقوم بها مؤسسة من مؤسسات الدولة، ولو كانت ذات نفوذ واسع مثل الأزهر الشريف بعيدًا عن المناخ الفكرى العام، فالتجديد الفكرى عمومًا يحتاج مناخًا يتيح حرية التفكير ويحترم تعدد الآراء ويشجع التعبير عن الرأى.
مصر أحدث الأخبار, مصر عناوين
Similar News:يمكنك أيضًا قراءة قصص إخبارية مشابهة لهذه التي قمنا بجمعها من مصادر إخبارية أخرى.
مصدر: AlAhramGate - 🏆 5. / 63 اقرأ أكثر »
مصدر: Mobtada - 🏆 2. / 63 اقرأ أكثر »
مصدر: Mobtada - 🏆 2. / 63 اقرأ أكثر »
مصدر: Mobtada - 🏆 2. / 63 اقرأ أكثر »
مصدر: ElBaladOfficial - 🏆 11. / 59 اقرأ أكثر »
مصدر: Mobtada - 🏆 2. / 63 اقرأ أكثر »