ورغم تراكم المعلومات والخبرات والتجارب في مجال التربية، فإن تطبيقها يبقى محل جذب ونقاش؛ لأننا نسمع عن آباء وأمهات قدموا لأبنائهم كل ما بوسعهم من تربية قويمة نهجها العلم والمعرفة، وكانت النتيجة غير موفقة أو غير ناجحة. وهذا لعله يوضح جانباً حيوياً ومهماً عن الطرق والأساليب التربوية، وأنها ليست عامة أو لا يمكن تطبيقها بعمومية على جميع الأطفال من دون مراعاة للبيئة والنفسية، ونحوها من العوامل الأخرى المؤثرة في تحقيق الهدف ونجاحه.
ومن دلالات هذا الجانب أن إحدى الصديقات حاصلة على الماجستير في مجال التربية ورعاية الأطفال، وكانت تشكو عجزها من السيطرة على أطفالها. وهذا يذكرني بما قاله المؤلف والفيلسوف جان جاك روسو، قبل أكثر من ٢٤٠ عاماً: «قبل أن أتزوج كان لديّ ست نظريات في تربية الأطفال، أما الآن فعندي ستة أطفال وليس عندي نظريات لهم».
وهكذا نجد أن التربية كعلمٍ شيءٌ مختلف عن التربية كواقع. لذا أدعو الدارسين في هذا المجال والمعلمين والباحثين، لإسقاط هذا العلم على الواقع، يجب أن يتم تجديد طرح النظريات وإعادة دراسة الآراء لتتوافق مع هذا العصر، طفل عصر التقنية وثورة الاتصالات والذكاء الاصطناعي، ليس هو نفسه الطفل الذي يعمل مع أبيه وأمه بين الحقول الزراعية، وليس هو الطفل الذي ينمو والعمل جزء من تكوينه ونموه.
طفل هذا العصر يبحث عما ينقصه من معلومات، ويجدها بواسطة هذا الجهاز الصغير الذي يحمله بين يديه أربعاً وعشرين ساعة. هذا الطفل قد لا يحتاج إلى معارف ومعلومات، بقدر حاجته للقيم وتعليمه المبادئ، بقدر حاجته أن نغرس في قلبه وروحه الحب والتسامح.
الإمارات العربية المتحدة أحدث الأخبار, الإمارات العربية المتحدة عناوين
Similar News:يمكنك أيضًا قراءة قصص إخبارية مشابهة لهذه التي قمنا بجمعها من مصادر إخبارية أخرى.