بحر المانش: بريطانيا تدعو إلى ملاحقة المهربين بعد غرق مهاجرين أثناء محاولتهم العبور من فرنسا

بعض متعلقات وأغراض المهاجرين الذين لقوا حتفهم الأربعاء

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، بعض متعلقات وأغراض المهاجرين الذين لقوا حتفهم الأربعاء

أكد وزير الدولة البريطاني لشؤون الهجرة كيفن فوستر أن المملكة المتحدة مصممة على مواجهة نموذج الأعمال "الشرير" لمهربي البشر، وذلك إثر غرق 27 شخصا أثناء محاولتهم عبور القنال الإنجليزي (بحر المانش) من فرنسا.

وقال فوستر إنه يتعين على المملكة المتحدة وفرنسا وبقية دول أوروبا تنسيق الجهود لمواجهة المشكلة، وذلك في أعقاب أكبر خسارة في الأرواح تُسجل في القنال.

وقد ألقي القبض على خمسة أشخاص لصلتهم بالحادث. وقال مسؤولون فرنسيون إنه من بين الغرقى 17 رجلا وسبع نساء - واحدة منهن كانت حاملاً - وثلاثة أطفال.

وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين سابقا إن القارب كان يحمل على متنه 34 شخصا.

وقد أُنقذ شخصان - وهما في حالة حرجة ويتلقيان العلاج في أحد المستشفيات الفرنسية. وقال وزير الداخلية الفرنسي إن أحدهما عراقي والآخر صومالي.

وتفيد وسائل الإعلام الفرنسية بأن ضحايا الحادث من الأكراد العراقيين أو الإيرانيين.

وقال فوستر لبي بي سي إن "مجرمين لا رحمة لديهم يرسلون الأشخاص إلى مياه القنال الخطرة على متن قوارب رديئة بدون معدات ملائمة".

وأضاف: "أولئك الذين نظموا رحلة ذلك القارب أمس نظروا إلى هؤلاء الناس.. الذين قضوا، على أنهم فرصة لجني الأرباح فقط".

وكان قارب صيد قد أطلق صفارة الإنذار بعد ظهر الأربعاء عندما رصد عدة أشخاص في البحر قبالة سواحل فرنسا.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن هذه أكبر خسارة في الأرواح في القنال منذ عام 2014.

وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين

صدر الصورة، AFP

التعليق على الصورة، وزير الداخلية الفرنسي قال إنه من بين القتلى خمس نساء

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه "صُدم" بما حدث، مضيفا أن المملكة المتحدة لن تدخر جهدا لوقف عصابات الإتجار بالبشر.

وقال جونسون الأربعاء إن المملكة المتحدة وفرنسا اتفقتا على الحاجة إلى بذل المزيد من الجهد، مشيرا إلى "صعوبات" في أقناع الفرنسيين "التصرف بطريقة نعتقد أن الوضع يقتضيها".

وأضاف أنه من الواضح أن المحاولات الفرنسية لمنع مغادرة قوارب المهاجرين "لم تكن كافية".

وقال إنه يأمل أن يجد الفرنسيون العرض المتجدد بتسيير دوريات مشتركة على طول الساحل الفرنسي للقنال "مقبولاً".

قال مسؤولون فرنسيون إن ماكرون أبلغ جونسون بأنه "كان يتوقع أن يتعاون البريطانيون بشكل كامل، وأن يمتنعوا عن استغلال الوضع المأساوي لأغراض سياسية".

وتعهدت المملكة المتحدة بمنح فرنسا 62.7 مليون يورو خلال 2021-2022 للمساعدة في زيادة دوريات الشرطة على طول ساحلها، وتعزيز المراقبة الجوية وتعزيز البنية التحتية الأمنية في الموانئ.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "فرنسا لن تدع (بحر المانش) يصبح مقبرة". وأضاف أنه منذ بداية العام الجاري، ألقي القبض على 1552 مهربا في شمال فرنسا وفُككت 44 شبكة تهريب.

وقال ماكرون إنه على الرغم من ذلك، فقد حدثت 47 ألف محاولة عبور للقناة إلى المملكة المتحدة هذا العام وأُنقذ 7800 مهاجر.

ومن المقرر أن تعقد الحكومة الفرنسية في وقت لاحق اليوم اجتماعاً طارئاً لبحث سبل منع مهربي البشر من إرسال المهاجرين في قوارب صغيرة إلى السواحل البريطانية.

ومن المتوقع أن تتحدث وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل إلى نظيرها الفرنسي في وقت لاحق لبحث سبل العمل بعد المأساة التي وقعت.

خدمات الطوارئ تشارك في عملية الإنقاذ في ميناء كاليه

صدر الصورة، AFP

التعليق على الصورة، خدمات الطوارئ تشارك في عملية الإنقاذ في ميناء كاليه

وعلى الرغم من حادثة الغرق، كانت هناك محاولات جديدة لعبور القنال، حيث وصل أربعون مهاجرا إلى جنوب شرق انجلترا على متن قاربين.

ويأتي ذلك وسط أعداد قياسية من تدفق المهاجرين الذين يعبرون الحدود من فرنسا إلى المملكة المتحدة. وقام أكثر من 25700 شخص برحلة خطرة إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة هذا العام، أي أكثر من ثلاثة أضعاف العدد الإجمالي لعام 2020.

ويعد مضيق دوفر أكثر ممرات الشحن البحري ازدحاما في العالم، وقد أودى بحياة العديد من الأشخاص الذين حاولوا العبور إلى بريطانيا في قوارب مطاطية.

ويُعتقد أن 10 أشخاص آخرين، على الأقل، لقوا حتفهم في الأسابيع القليلة الماضية أثناء محاولتهم العبور.

ويقول عاملون في مجال الإغاثة إن حوادث الموت ستتواصل حتى يتم منح المهاجرين ممراً آمناً بين فرنسا وبريطانيا.

2px presentational grey line

تحليل

نيكولاس وات - محرر الشؤون السياسية، بي بي سي نيوزنايت

من خلال الحديث مع أحد المسؤولين البارزين في الحكومة البريطانية، يتضح أن عمليات عبور القنال تعتبر قضية كبيرة في داوننغ ستريت.

ويقول المسؤولون إنهم حضروا، خلال الأشهر الـ18 الماضية، اجتماعات في مقر رئاسة الوزراء حول هذه المسألة تفوق في عددها الاجتماعات حول أي قضية أخرى باستثناء وباء كورونا.

ويبدو أن الحكومة تميل إلى تشكيل دوريات مشتركة بريطانية-فرنسية لتجوب الساحل الشمالي لفرنسا.

وهذا سيعني وجود قوات أمن بريطانية وأخرى فرنسية معاً - والسبب في ذلك هو أنه من الصعب جداً مراقبة منطقة الساحل.

ويحظى هذا الأمر بأهمية كبيرة، إذ يعتقد أنه إذا اعترض طريق 75-90 في المائة من عمليات العبور، سيكون لذلك تأثير كبير. وسيؤدي ذلك إلى القضاء على النموذج الاقتصادي للمهربين، ومن ثم تفكيك شبكاتهم.