الانقلاب في السودان: البرهان يقول إن عبد الله حمدوك "موجود معه في منزله"، والسلطات تعلن تعليق الرحلات الجوية حتى 30 أكتوبر

عادت خدمة الإنترنت في أجزاء واسعة من العاصمة السودانية الخرطوم بعد يومين من قطعها من قبل السلطات السودانية.

وقال القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق عبد الفتاح البرهان إنه تم قطع الخدمة من أجل منع ما وصفه بـ"نشر الفتنة والدعوة للجهوية والعنصرية".

وتسبب انقطاع الخدمة في صعوبات كبيرة لوسائل الإعلام في نقل الأحداث وتفاصيل الإنقلاب علي الحكم المدني.

لكن كثيرا من المدونين يقولون إن خدمة الإنترنت قطعت لمنعهم من التواصل والتنسيق للاحتجاج علي الإنقلاب العسكري في البلاد

وكتب مدونون علي وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك أنهم سيواصلون حراكهم السلمي للمطالبة بالتحول الديمقراطي والدولة المدنية.

Getty ImagesCopyright: Getty Images

أفاد مكتب رئيس الوزراء في السودان عبر صفحته على موقع فيسبوك بأنه وفي ظل التطورات الراهنة في البلاد فإنه "لا يوجد بديل آخر سوى الانتقال إلى الشوارع والعصيان المدني لحماية الثورة السودانية ممن يريدون العبث بها ولأجل تصحيح مسارها".

كان حمدوك اعتقل مع عدد من الوزراء والمدنيين من قبل قادة الجيش على إثر الانقلاب العسكري الذي جرى يوم أمس وإعلان قائد القوات المسلحة السودانية حل مجلس السيادة والحكومة وإعلان حالة الطوارئ.

وطالب مكتب رئيس الوزراء قادةَ الانقلاب بإطلاق سراح رئيس الوزراء وجميع من معه فوراً مضيفا أنه " لن تنطلي على الشعب السوداني وعلى العالم دعاوي رأس الانقلاب بأن ما يقوم به هو حماية للثورة".

قال شهود عيان لوكالة رويترز للأنباء، يوم الثلاثاء، إن الاتصالات انقطعت في السودان بعد يوم من استيلاء الجيش السوداني على السلطة في انقلاب.

وأكد موقع "نيت بلوكس"، المعني بمراقبة الإنترنت، أن خدمات الاتصال بالإنترنت "تعطلت بشدة" في السودان يوم الاثنين، وهو "ما ظهر في شكل انقطاع للاتصالات بالنسبة لكثيرين".

ولا يوجد أي تأكيد رسمي بشأن انقطاع الاتصالات، بيد أن شهود عيان قالوا إن خدمات الإنترنت والهاتف باتت "محدودة للغاية".

وتوقفت الحياة في العاصمة الخرطوم، وأغلقت المتاجر والخدمات أبوابها، ولا تزال بعض الطرق مغلقة بواسطة الجيش بعد ليلة هادئة في الغالب.

وكان اللواء عبد الفتاح البرهان، قد حل مجلس السيادة الانتقالي، الذي شُكل لتوجيه البلاد نحو حكم ديمقراطي بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية قبل عامين.

وأعلن البرهان حالة الطوارئ، قائلا إن القوات المسلحة بحاجة إلى حماية السلامة والأمن، ووعد بإجراء انتخابات في يوليو/تموز 2023 وتسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة في ذلك الوقت.

Getty ImagesCopyright: Getty Images

نقلت الصفحة الخاصة بوزارة الإعلام السودانية على موقع فيسبوك رسالة قالت إنها من وزيرة الخارجية، مريم المهدي، جاء فيها أن رئيس الحكومة عبد الله حمدوك وعددا من وزراء الحكومة، التي أعلن الجيش السوداني عن حلها يوم أمس الإثنين، ما زالوا معتقلين من قبل الجيش في مكان غير معلوم.

وبحسب الرسالة، التي تقول صفحة وزارة الإعلام إن الوزيرة بعثت بها إلى نظرائها في الدول العربية والأفريقية والغربية، فإن الحكومة ستقاوم الانقلاب العسكري ولن تعترف بإعلاناته "غير الدستورية".

وكان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من بين وزراء ومسؤولين مدنيين وضعهم قادة الانقلاب العسكري في السوادن قيد الإقامة الجبرية.

نشر تجمعُ المهنيين السودانيين، على حسابه على تويتر صورا ومقاطع فيديو توضح ردة الفعل غداة بيان قائد القوات المسلحة السودانية البرهان، الإثنين، بحل الحكومة ومجلس السيادة وإعلانه حالة الطوارئ وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية التي تستند عليها الفترة الانتقالية في السوادن.

وأرفق التجمع مع الصور والفيديو تغريدة جاء فيها أن "جماهير الشعب السوداني ترفض وتقاوم الانقلاب العسكري".

ويظهر مقطع مصور شوارع رئيسية في الخرطوم مغلقة بالمتاريس وفارغة من المارة والسيارات في ظل دعوة للعصيان المدني الشامل.

ويعتبر التجمعُ من أبرز المحركات الرئيسية للمظاهرات التي اطاحت بالرئيس السوداني السابق عمر البشير في 2019.

وبث ناشطون على مواقع التواصل صورا عما شهدته على مدار الساعات الماضية العاصمة السودانية من مظاهرات متفرقة منددة بسيطرة الجيش على الحكم

gettCopyright: gett

في أعقاب الانقلاب العسكري الذي وقع في السودان يوم أمس بدأ الكثير من المراقبين في محاولة معرفة الدور الذي يلعبه القائد العسكري المشهور بلقب حميدتي نائب الفريق عبد الفتاخ البرهان.

فمن هو محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي"؟

يعتبر مسار صعود حميدتي إلى مقدمة المشهد السياسي في السودان غريباً، إذ جاء من خارج المؤسسة العسكرية والأحزاب السياسية.

تبدأ قصة حميدتي في عام 2003، عندما حشدت حكومة الرئيس عمر البشير آنذاك قوات من رعاة الإبل العرب لمحاربة المتمردين الأفارقة في إقليم دارفور المضطرب، غربي السودان خلال الحرب الضارية التي شهدها وقتها.

كان حميدتي قد ترك الدراسة في عمر مبكر وعمل في العشرينات من عمره في تجارة الإبل فضلا عن حماية القوافل التجارية في مناطق سيطرة قبيلته وجنى حميدتي ثروة كبيرة من عمله هذا في التسعينيات، مما مكنه من تشكيل ميليشيا قبلية خاصة به

وعندما أقيل البشير، كان حميدتي ليس فقط من أغنى الرجال في السودان بل وفي قلب شبكة من المحسوبية والصفقات الأمنية السرية من خلال الذهب ونشاط المرتزقة المعتمد رسميا. ومنذ تعيين حميدتي نائباً للبرهان في المجلس العسكري، بصفته قائد قوات "الدعم السريع" ثم عضواً في مجلس السيادة الانتقالي الذي يترأسه البرهان، تظهر تقارير إعلامية بين الحين والآخر تتحدث عن وجود خلافات بين الرجلين.

رغم ذلك يستبعد محللون وقوع مواجهة عسكرية نظراً لما سيكون لذلك من عواقب كارثية بين الطرفين الممثلين لأهم قوتين، القوات المسلحة والدعم السريع. ولم يتضح بعد الدور الذي سيلعبه حميدتي في الساحة السياسية في السودان بعد خطوة البرهان بحل المجلس السيادي والحكومة وفرض حالة الطوارئ.

للإطلاع على المقال كاملا: انقلاب السودان: من هو محمد حمدان دقلو تاجر الإبل الذي أصبح في صدارة المشهد السياسي في السودان؟

AFPCopyright: AFP

أكدت مصادر طبية لبي بي سي أن عشرة اشخاص على الأقل لقوا حتفهم وأصيب العشرات إثر إطلاق قوات الأمن السودانية النار على المحتجين في عدة مناطق في الخرطوم، خاصة عند محيط مبنى قيادة الجيش.

وأضافت المصادر أن عدد القتلى مرشح للزيادة في ظل وجود حالات حرجة وسط المصابين، مشيرة إلى أن الاوضاع داخل المستشفيات صعبة للغاية في ظل نقص الكوادر والمستلزمات الطبية.

في هذه الأثناء، مازالت القوات الامنية المشتركة تنتشر بكثافة في محيط مبنى قيادة الجيش بعد استمرار إغلاق كل الطرق المؤدية اليه.

كما تغلق وحدات أمنية الجسور الرابطة بين مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأمدرمان والخرطوم بحري.

ويواصل المحتجون حراكهم لليوم الثاني على التوالي ضد قرارات الجيش التي شملت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي الوزراء والسيادة واستمرار اعتقال القادة المدنيين، بمن فيهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

وانحصرت معظم المظاهر الاحتجاجية في الشوارع الرئيسية والفرعية داخل الأحياء السكنية، حيث عمد المحتجون إلى وضع المتاريس وقطع الطرقات لمنع حركة القوات الأمنية.

.

ReutersCopyright: Reuters

Getty ImagesCopyright: Getty Images

قالت رئيسة وكالة المعونة الأمريكية سامنتا باور إن المعونة الانسانية التي تقدمها بلادها للسودان لن تتوقف.

وجاء في بيان ادانت فيه الانقلاب العسكري في السودان: "ان المعونة الإنسانية المقدمة للشعب السوداني والتي تجاوزت قيمتها خلال السنة المالية 2021 قد تجاوزت 386 مليون دلار ستستمر".

قال وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن أن بلاده تدين بشدة الانقلاب الذي جرى في السودان وأكد الوقف الفوري للمساعدات الاقتصادية التي كانت بلاده تنوي تقديمها للسودان والبالغة قيمتها 700 مليون دولار.

ودعا الوزير الأمريكي إلى العودة الى آلية الحكم السابقة دون قيد او شرط.

Getty ImagesCopyright: Getty Images