محاولة انقلاب في السودان: اعتقال ضباط ومدنيين "مرتبطين" بنظام الرئيس السابق عمر البشير

الجسور شبه خالية عقب إغلاق الجيش لبعضها.

صدر الصورة، Anadolu Agency

التعليق على الصورة، الجسور شبه خالية عقب إغلاق الجيش لبعضها.

أعلنت الحكومة السودانية إحباط محاولة انقلاب في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، في الوقت الذي تمر فيه البلاد بمرحلة انتقالية هشة منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في عام 2019.

وقالت الحكومة إن ضباطا ومدنيين مرتبطين بنظام الرئيس المخلوع، حاولوا الانقلاب لكن سرعان ما سيطرت الحكومة على الأمور.

وقال رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، إن محاولة الانقلاب الفاشلة "كانت تستهدف الثورة وما حققه الشعب السوداني من إنجازات".

وأضاف خلال كلمة له في اجتماع طارئ لمجلس الوزراء أن من سماهم بـ"الانقلابيين" كانوا يسعون إلى "تقويض النظام الديمقراطي"، مشيرا إلى أن هذا الأمر مستحيل في ظل ما وصفه بـ"يقظة الشعب السوداني".

وأوضح أن هناك علاقة بين محاولة الانقلاب والانفلات الأمني في بعض مناطق البلاد، والاحتجاجات ذات الطابع القبلي في شرق البلاد.

وطمأن وزير الثقافة والإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة، حمزة بلول الأمير، الشعب السوداني بأن الأوضاع تحت السيطرة التامة، إذ قبض على قادة المحاولة الانقلابية من العسكريين والمدنيين ويجري التحقيق معهم حاليا، بعد "تصفية آخر جيوب الانقلاب في معسكر الشجرة".

وأدانت الأمم المتحدة محاولة الانقلاب. ودعا المبعوث الأممي فولكر بيرتس مختلف الأطراف في السودان إلى الالتزام بالفترة الانتقالية.

كما أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط على استمرار وقوف الجامعة العربية بقوة وراء استتباب الأمن والسلام في السودان خلال الفترة الانتقالية.

من يقف وراء محاولة الانقلاب؟

كشفت السلطات السودانية أن قائد المحاولة الانقلابية الفاشلة هو اللواء الركن عبد الباقي الحسن عثمان. 

 وقال وزير الدفاع السوداني الفريق يس إبراهيم بعد اجتماع طارئ لمجلس الأمن والدفاع إن عدد الضباط المشتركين في المحاولة الانقلابية بلغ 22 ضابطا، بالإضافة إلى ضباط الصف والجنود. 

وأوضح أن التحريات الأولية أشارت إلى أن الهدف من الانقلاب هو الاستيلاء على السلطة وتقويض النظام الدستوري.  

 وأضاف أنه تمت السيطرة على الأوضاع في زمن قصير دون حدوث خسائر في الأرواح والممتلكات.  

وكان عضو مجلس السيادة السوداني محمد الفكي سليمان قال لبي بي سي إن الاوضاع أصبحت تحت السيطرة بعد المحاولة الانقلابية. 

وأضاف أن الأجهزة العسكرية والأمنية تمكنت من السيطرة على الوحدات العسكرية التي كان مدبرو الانقلاب ينوون السيطرة عليها.

وأشار إلى أنهم كانوا يريدون السيطرة على سلاح المدرعات بالشجرة جنوب الخرطوم، ومنطقة وادي سيدنا العسكرية بشمال أمدرمان. 

وأضاف أن السلطات ألقت القبض على قادة الانقلاب وأن الأجهزة المعنية ستبدأ التحقيقات معهم فورا.  

عمر البشير

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، الرئيس عمر البشير أطاح به الجيش في 2019.

محاولات سابقة

وقعت محاولات انقلاب سابقة في السودان منذ الإطاحة بالبشير ألقى مسؤولون باللوم فيها على أنصار الرئيس السابق وأعضاء حزبه المنحل.

وهناك تاريخ طويل من الانقلابات في السودان، إذ وصل البشير نفسه، الذي كان لواء سابقا، إلى السلطة بعد الانقلاب العسكري المدعوم من الإسلاميين في عام 1989.

ومازال الرئيس السابق محتجزا منذ الإطاحة به في سجن كوبر شديد الحراسة بالخرطوم، ويواجه المحاكمة بسبب الانقلاب الذي أوصله إلى السلطة.

وقال محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية، في خطاب لقواته الثلاثاء "لن نسمح بحدوث انقلاب".

وأضاف القائد المعروف باسم حميدتي "نريد انتقالا ديمقراطيا حقيقيا من خلال انتخابات حرة ونزيهة على غرار ما حدث في الماضي".

ويحكم السودان حاليا، بموجب اتفاق تقاسم السلطة المبرم في أغسطس/آب 2019 ، حكومة انتقالية مؤلفة من ممثلين مدنيين وعسكريين، ومكلفة بالإشراف على عودة الحكم المدني الكامل.

ونص الاتفاق في الأصل على تشكيل مجلس تشريعي خلال فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، لكن تلك الفترة أعيد تحديدها عندما وقع السودان اتفاق سلام مع تحالف الجماعات المتمردة في أكتوبر / تشرين الأول الماضي.

وبعد مرور أكثر من عامين، لا تزال البلاد تعاني من مشاكل اقتصادية مزمنة موروثة من نظام البشير، فضلا عن الانقسامات العميقة بين مختلف الفصائل التي تقود المرحلة الانتقالية.

وتعهدت الإدارة الانتقالية برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بتفكيك إرث البشير وإصلاح الاقتصاد المنهك وإقامة السلام مع الجماعات المتمردة التي قاتلت نظام البشير.

شوارع الخرطوم.

صدر الصورة، Getty Images

ووقع السودان العام الماضي اتفاقات سلام مع متمردين من إقليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق بعد مفاوضات مطولة في جوبا عاصمة جنوب السودان.

وعُيِن قادة الجماعات المتمردة السابقة في وقت لاحق في مجلس الوزراء والمجلس الحاكم في السودان.

ونفذت حكومة حمدوك أيضا سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية الصعبة للتأهل لتخفيف الديون من صندوق النقد الدولي.

ورأى العديد من السودانيين أن الخطوات، التي تضمنت خفض الدعم والتعويم المنظم للجنيه السوداني، قاسية للغاية.

واندلعت احتجاجات متفرقة على الإصلاحات التي يدعمها صندوق النقد الدولي وارتفاع تكاليف المعيشة، فضلا عن التأخير في تحقيق العدالة لعائلات القتلى في عهد البشير.

وأغلق المتظاهرون الاثنين طرقا رئيسية بالإضافة إلى بورتسودان، مركز التجارة الرئيسي في البلاد، احتجاجا على اتفاق السلام الموقع مع الجماعات المتمردة العام الماضي.

عودة الحياة إلى طبيعتها

يقول مراسل بي بي سي نيوز في الخرطوم إن الحياة تبدو طبيعية على الرغم من إعلان السلطات السودانية إحباطها لمحاولة الانقلاب.

وأعيد فتح أحد الجسور الرئيسية التي تربط بين مدينتي الخرطوم وأمدرمان بعد لحظات من إغلاقه بواسطة قوات الجيش.

شوارع الخرطوم

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، شوارع الخرطوم بعد إعلان محاولة الانقلاب الفاشلة.

ولم تنشر تعزيزات عسكرية إضافية في المواقع الإستراتيجية مثل القصر الرئاسي، ومقر مجلس الوزراء، والقيادة العامة للقوات المسلحة، ولم تنشر تعزيزات عسكرية في الشوارع الرئيسية والجسور.

وندد حزب الأمة القومي بمحاولة الانقلاب، واعتبرها محاولة لعرقلة الانتقال الديموقراطي.

واتهم الحزب في بيان قيادات في نظام الرئيس المعزول عمر البشير بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية.