1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بين التلقيح ومناعة القطيع ـ سبُل العرب للتصدي لكورونا؟

٦ أبريل ٢٠٢٠

تم تداول معلومات بشأن دور محتمل للقاح السل في الدول التي اعتمدت التطعيم الإجباري في التصدي لفيروس كورونا، إلى جانب ما يسمة يمناعة القطيع. فهل يمثل الأمران أملاً للدول العربية ذات الإمكانيات الصحية الضغيفة؟

https://p.dw.com/p/3aXgw
رضيع يتم إعطاؤه أحد اللقاحات
وفق الورقة البحثية الصادرة حديثاً فإن التطعيم ضد مرض السل جعل الأشخاص أكثر مقاومة لفيروس كوروناصورة من: Imago/photothek/U. Grabowsky

نشرت أكثر من دراسة علمية تتحدث عن دور التطعيمات وخصوصاً ضد داء السل في التخفيف من انتشار والإصابة بفيروس كورونا المستجد.

دراسة مثيرة للجدل

واحدة من تلك الدراسات نشرت على موقع medRxiv للابحاث الطبية غير المنشورة، وأوضحت وجود علاقة بين الدول التي تقوم بإعطاء مواطنيها تطعيمات مثل التطعيم ضد مرض السل (bacillus Calmette-GuerinBCG) أظهرت عددًا أقل من الحالات المؤكدة بالإصابة أو الوفاة بفيروس كورونا.

الدراسة أشارت أيضاً إلى أن نحو ست بلدان حول العالم تقوم حالياً بتطعيم أطباء الصفوف الأولى لمكافحة فيروس كورونا بلقاح BCG، إضافة إلى تعطيم عدد من كبار السن ودراسة مدى الحماية التي يمكن أن يحصلوا عليها ضد الإصابة بفيروس كورونا نتيجة لذلك.

 وبحسب الدكتور جونزالو أوتازو ، الأستاذ المساعد في معهد نيويورك للتكنولوجيا والمؤلف الرئيسي للدراسة، فإنه لاحظ انخفاض عدد حالات الإصابة بالفيروس في اليابان والتي كانت من أوائل الدول التي أبلغت عن تفشي الوباء فيها. وتعتمد اليابان سياسة التلقيح الإجباري وهو الأمر نفسه في كوريا الجنوبية التي نجحت في الحد من انتشار الفيروس.

التطعيمات الإجبارية وكورونا

طبق بتري يحتوي على خلايا ميتة من البكتريا المسببة لمرض السل
هل يكون التطعيم ضد مرض السل عاملاً مساعداً في تقليل نسب الإصابة بفيروس كورونا؟صورة من: picture-alliance/dpa

وفي الدراسة الجديدة  قام الباحثون بالنظر في حالات الإصابة بالفيروس والوفيات الناجمة عنها لمدة 15 يومًا بين 9 و 24 مارس في 178 دولة وخلصت الدراسة إلى أن "الإصابة بـ Covid-19 كانت بمتوسط 38 حالة لكل مليون شخص في البلدان التي لديها تطعيم BCG مقارنة بـ 358.4 حالة لكل مليون في حالة عدم وجود برنامج قومي للتطعيمات، فيما كان معدل الوفيات 4.28/ لكل مليون شخص في البلدان التي لديها برامج تطعيم BCG مقارنة بـ 40 / لكل مليون شخص في البلدان التي ليس لديها مثل هذا البرنامج ". وأن بلداناً مثل ايران اعتمدت برنامجاً قومياً لتقليح الاطفال ضد مرض السل ولكن بشكل متأخر للغاية كانت واحدة من أكثر الدول المتضررة في العالم من فيروس كورونا.

 

وتشير الدراسة إلى أن اليابان وكوريا الجنوبية لديهما سياسات لقاح BCG الزامية وقد تمكنتا من السيطرة على انتشار الفيروس بدرجة عالية. ويقول الدكتور آشيش كامات المؤلف المشارك في الورقة وأستاذ الأورام وأبحاث السرطان في مركز إم دي أندرسون للسرطان في هيوستن "بينما كنا نتوقع رؤية تأثير وقائي لـ BCG ، فإن حجم الاختلاف وصل الى نحو 10 أضعاف ما بين إصابات ووفيات بالفيروس بين البلدان التي ليس لديها برنامج التطعيم BCG وتلك التي لديها برنامج للقاحات.

وبحسب وكالة بلومبيرغ فإن الاطباء الهولنديين في مركز Radboud Universty كانوا من أوائل من اختبروا فعالية لقاح BCG ضد فيروس كورونا المستجد، حيث قاموا بدراسة استجابة 400 عامل صحي في تجربة علمية حصل 200 منهم على على لقاح BCG و 200 حصلوا على علاج وهمي لكن من غير المتوقع أن تظهر أي نتائج للدراسة قبل شهرين على الأقل.

كما يعتزم فريق الباحثين الهولنديين بدء تجربة منفصلة لدراسة فعالية لقاح BCG على من تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، فيما تجري تجارب أخرى في أستراليا والدنمارك وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، في حين لاتزال الدراسات جارية لفهم سبب كون لقاح BCG فعالًا ليس ضد السل فقط ولكن ضد ميكروبات أخرى.

ويقول الفريق الهولندي إن لقاح BCG يقوم بتقوية الجهاز المناعي بطريقة تجعله جاهزًا للاستجابة بطريقة أفضل تجاه الميكروبات التي تعتمد استراتيجية بكتيريا السل في مهاجمة جسم الإنسان.

مناعة القطيع..خطر يتهدد كبار السن

وكانت عدة دول من بريطانيا والسويد قد قررت أن تعتمد استراتيجية مناعة القطيع أي ترك الأمور على حالها كما كانت عليه قبل انتشار الفيروس ليصاب أكبر عدد ممكن من الأشخاص بالعدوى فيتكون لدى أغلبهم مناعة ضد المرض بشكل طبيعي وتلقائي. عندها يمكن البدء في دراسة تلك المناعة المتكونة وإنتاج عقاقير مستخلصة منها. لكن مع تفاقم حالات الوفيات في الكثير من الدول تراجعت عدة دول عن إقرار تلك الاستراتيجية.

عن هذا الأمر وإمكانية تطبيقه في العالم العربي تقول الدكتورة علياء أبو كيوان الباحثة بمستشفى هايدلبيرغ في ألمانيا إن في تطبيق تلك المنهجية مخاطرة كبيرة خصوصاً  فئة كبار السن والأشخاص ضعيفي المناعة ولذلك فإن الكثير من الدول تقف ضد تطبيق تلك الاستراتيجية لأنها لاتريد التضحية بتلك الفئات الحرجة.

وأضافت في حوار مع DW عربية أن هذا الأمر سينتج عنه عدد ضخم من الإصابات ما قد يمثل ضغطاً على القطاع الصحي، مشيرة الى أن ألمانيا وبرغم كل امكانياتها الهائلة فضلت تعطيل الاقتصاد لشهر كامل لأنها لا تريد أن تخاطر بصحة أو أرواح كبار السن أو الضعفاء بل على العكس قررت بذل المزيد من الجهود لحمايتهم وعلاجهم.  

بدوره، يرى البروفيسور مجدى بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة في القاهرة أن فكرة مناعة القطيع لن تكون مفيدة حالياً وأضاف: "لا أقبل أن نضحى بوفاة مليون لكى يعيش 100 مليون.. لكن ربما تكون تلك الاستراتيجية مفيدة في المستقبل لو تحور الفيروس وأصبح موسميا أو متوطناً ، فساعتها سيكتسب العامة مناعة ضده ، ويصبح مرضا بسيطاً.

لقاح السل ودوره في مواجهة كورونا

أطباء في غرفة للعناية المركزة مع أحد مرضى فيروس كورونا
بحسب الدراسة فإن نسب الإصابات بفيروس كورونا في الدول التي يتم فيها التطعيم إجبارياً ضد مرض السل أقل كثيراً من غيرهاصورة من: picture-alliance/AP Photos/A. Surinyach

ويقول البروفيسور مجدى بدران في حواره مع DW عربية إن فيروس كورونا مستجد و غامض ولا يعرف حتى الآن مدى فاعلية لقاح السل فى رفع قدرة الجهاز المناعى لمواجتهه، مشيراً إلى أن زيادة نسبة الإصابات فى الدول التى لا يحصل مواطنوها على لقاح السل ليست دليلاً كافياً على صحة تلك الفرضية.

لكنه أضاف قائلاً إن "لقاح BCG يتم استخدامه فى العديد من البلدان التى ينتشر فيها مرض السل بشكل كبير لمنع التهاب السحايا التدرنى، وأن لقاح BCG يعطى فى أمريكا فقط للأطفال الذين لديهم اختبار السل السلبى الجلدى، والذين لا يمكن فصلهم عن البالغين من مرضى السل، وكذلك يعطى للأطباء والممرضين، وفى بريطانيا يعطى فقط للرضع والأطفال والبالغين الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا المعرضين لخطر الإصابة بالسل و العاملين في المختبرات".

وأشار البروفيسور بدران إلى أنه فى إيران يتم التطعيم بلقاح BCG ، ولكن رغم ذلك فإن لديهم معدل وفيات مرتفع بفيروس الكورونا المستجد. وقال إن انخفاض عدد الإصابات والوفيات فى أفريقيا بالفيروس ربما يرجع لعدة أسباب، منها ضعف القدرة على التشخيص أو وجود مناعة أفضل لدى البعض وقلة الرحلات السياحية الأجنبية والأجواء الرطبة و درجة الحرارة المرتفعة.

نصائح هامة للوقاية من الفيروس

وتقول الدكتورة علياء أبو كيوان الباحثة في مستشفى هايدلبيرغ إن أهم ما يمكن ان تفعله الدول العربية حاليا هو الالتزام التام بتوصيات منظمة الصحة العالمية بمنع التجمعات وتقليل الخروج إلى الشوارع وارتداء الكمامات والالتزام بالتباعد الاجتماعي ويفضل أن تكون المسافة بين الأشخاص نحو 2 متر والغسل المتكرر للأيدي وتعقيم الاسطح

وأضافت الباحثة بمستشفى هايدلبيرغ أن "أهم ما في الأمر حالياً هو إجراء الفحوص لأكبر عدد ممكن من الأشخاص وعمل تشخيص مبكر حتى يتم اكتشاف الحاملين للفيروس ومنع اختلاطهم بالآخرين وهو ما سيقلل كثيراً من العدوى وسيساهم في (تبطيط المنحنى Flatten the curve)  والمقصود هو ذلك المنحنى الدال على الإصابة بالفيروس ومراحل تطوره انتشاره وحالات الشفاء والوفيات".

 

وبدوره أكد البروفيسور مجدى بدران استاذ المناعة والحساسية أنه من الممكن إجهاض انتشار فيروس كورونا بتنفيذ الإجراءات الاحترازية بصرامة، والتزام الجماهير بتعليمات الوقاية بدقة واهمها

1.          البقاء في المنزل

2.         تجنب الحشود

3.         الامتناع عن لمس الناس بعضهم البعض

4.         زيادة المسافات الآمنة بين الأخرين

مضيفاً أنه اعتماداً على عدد المرضى في المجتمع يمكن أن يتم:

- إغلاق المدارس والمطاعم والمحلات التجارية ودور السينما و الأماكن الأخرى التى يتجمع فيها الناس كدور السينما والنوادى الرياضية

- عدم الاجتماع مع الأصدقاء

- عدم الذهاب إلى المتاجر ما لم يكن ذلك ضروريًا

- العمل من المنزل

- تعطيل وسائل النقل العام ، بما في ذلك الحافلات ، ومترو الأنفاق ، وسيارات الأجرة.

- عدم الذهاب إلى منازل اللآخرين

- الابتعاد عن الجميع ، حتى لو لم يبدو عليهم المرض.

- إذا كنت مريضًا ، ابتعد عن الآخرين - وهذا هو أهم شيء يمكنك القيام به.

ويقول البروفيسور بدران ان كل تلك الأمور ستؤدي إلى "تجويع فيروس الكورونا المستجد" ويقصد به حرمان الفيروس من الوصول لخلايا الأفراد . فعندما يبقى الأشخاص المصابون بالفيروس بعيدًا عن الآخرين ، لا يمكنهم تمريره إلى أي شخص آخر، وسوف يموت الفيروس وبهذه الطريقة يقل عدد الأشخاص الذين يصابون بالمرض في نفس الوقت ولا يجد الفيروس من يدخله فيموت.

 محمود حسين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد