حوار| السفير محمد إدريس: السيسي يعرض هموم وتطلعات العرب والأفارقة أمام الجمعية العامة بنيويورك

السفير محمد إدريس
السفير محمد إدريس

- مصر تعمل على معالجة قضايا المنطقة العربية وتحقيق تطلعات شعوب أفريقيا فى التنمية والاستقرار

- حلول الأزمات يجب أن تتأسس على القيادة الوطنية..والتدخلات الخارجية تؤجج النزاعات

- القاهرة والاتحاد الأوروبى يشاركان فى اجتماع رفيع المستوى لمكافحة تمويل الإرهاب 25 سبتمبر الجارى
 

تعقد اجتماعات الشق رفيع المستوى من الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة بدءًا من يوم 24 سبتمبر الجارى، حيث سيتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى مدينة نيويورك لرئاسة وفد مصر للمشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة فى دورتها الحالية، وتعد تلك الزيارة المرتقبة هى الزيارة الخامسة من نوعها إلى المنظمة الدولية، حيث حرص الرئيس السيسى منذ توليه سلطة البلاد فى يونيه 2014 على المشاركة فى جميع دورات الجمعية العامة التى تعقد فى شهر سبتمبر من كل عام، ليكون بذلك أول رئيس مصرى يحضر 6 دورات متتالية لاجتماعات الجمعية العامة.


تحرص مصر على المشاركة السنوية فى تلك الاجتماعات بصورة فاعلة تعكس ثقل مصر الإقليمى والدولي، ودورها النشيط فى أروقة المنظمة، وتعقد الاجتماعات هذا العام تحت شعار «دفع الجهود متعددة الأطراف المتصلة بالقضاء على الفقر، وتوفير تعليم عالى الجودة، والعمل المناخي، والإدماج»، حيث يعكس هذا الشعار أولويات المجتمع الدولى خلال المرحلة الحالية، والتى تتمحور حول التنمية المستدامة ومواجهة التغيرات المناخية وتوفير مستوى معيشى أفضل لكافة الشعوب.

 

«الأخبار» أجرت حواراً مع السفير محمد إدريس مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة يلقى من خلاله الضوء على أهم الملفات التى ستحظى باهتمام مصر خلال مشاركتها فى هذا الحدث الدولى الكبير، لما يسهم فى إتاحة الفرصة لتبادل الرؤى بين القادة ورؤساء الدول والحكومات حول القضايا المطروحة على أجندة المنظمة الدولية بما يساعد على توفير الحلول والبدائل للتعامل مع تلك القضايا، وإلى نص الحوار.

 

< كيف ترى مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى والوفد المصرى رفيع المستوى فى الحدث الأكبر دولياً، وهو أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
- مصر دولة فاعلة ونشيطة على مستوى الأمم المتحدة بمختلف أجهزتها. وفى هذا الإطار، تحرص مصر على المساهمة فى مناقشة كافة الموضوعات ذات الأولوية والمطروحة على أجندة المنظمة، أخذاً فى الاعتبار الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الأفريقي، وما تفرضه على مصر من مسئوليات ودور هام للدفاع عن أولويات القارة الأفريقية فى إطار الأمم المتحدة، وتحقيق تطلعات شعوب القارة فى التنمية والسلام والاستقرار.


كما تتضمن المشاركة المصرية حضور الفعاليات الأممية الرفيعة المستوى، التى ستكون المشاركة فى بعضها على المستوى الرئاسى والبعض الآخر على المستوى الوزارى، وإلقاء بيان مصر فى اليوم الأول للنقاش العام الذى يمتد على مدى أسبوع يعرض خلاله الرؤساء والقادة رؤيتهم للتعامل مع المشكلات والتحديات الدولية، هذا فضلاً عن العديد من اللقاءات مع رؤساء الدول والمسئولين الدوليين.


 < ما هى أهم الملفات التى ستحظى باهتمام مصر خلال مشاركتها فى اجتماعات الأمم المتحدة؟
- سوف تشارك مصر فى مناقشة العديد من الموضوعات ذات الأولوية سواء السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، حيث توجد عدة قضايا مرتبطة بأولويات القارة الأفريقية مثل تحقيق الأمن والاستقرار فى النزاعات والقضايا بعدد من الدول الأفريقية التى مازالت مطروحة على أجندة المنظمة، وتحقيق التنمية طبقاً لأهداف أجندة التنمية 2063، ورفع معدلات النمو، وتوفير التمويل اللازم لمشروعات البنية التحتية فى أفريقيا، بما يسهم فى تحقيق الاندماج الإقليمى والتكامل الاقتصادى خاصة بعد دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ.


كما تتضمن أجندة المشاركة المصرية العمل على معالجة قضايا وأزمات المنطقة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، بجانب الأوضاع فى كل من سوريا واليمن وليبيا، والعمل على اتباع مقاربة شاملة تهدف للحفاظ على الدولة الوطنية ومكافحة الإرهاب والطائفية والميليشيات المسلحة غير المشروعة. وسوف تتضمن أجندة مصر العديد من الموضوعات فى مجالات أخرى مثل نزع السلاح والعمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل ومكافحة الإرهاب وتمويل التنمية والمناخ وحوار الحضارات وثقافة السلام.


 < وما هى أهم الموضوعات التى يشملها برنامج مشاركة الرئيس وما هى استعداداتكم لهذه الزيارة المهمة؟
 - من المنتظر أن يشارك الرئيس السيسى فى العديد من الفعاليات الأممية الرفيعة المستوى، وإلقاء بيان مصر فى اليوم الأول للنقاش العام الذى يمتد على مدى أسبوع يعرض خلاله الرؤساء والقادة رؤاهم للتعامل مع المشكلات والتحديات الدولية، هذا فضلاً عن العديد من اللقاءات مع رؤساء الدول والمسئولين الدوليين.


وفى هذا الإطار، تعقد الجمعية العامة عدة قمم تتضمن «الاجتماع رفيع المستوى بشأن التغطية الصحية الشاملة»، و»قمة تغير المناخ»، و»قمة التنمية المستدامة»، و»الحوار رفيع المستوى بشأن تمويل التنمية»، بالإضافة إلى «الاجتماع رفيع المستوى بشأن مراجعة التقدم المحرز فى إدارة أولويات دول الجزر الصغيرة النامية (مسار ساموا)، وكذلك الاجتماع الرفيع المستوى لدعم جهود نزع السلاح النووى. وتقوم البعثة بالإعداد للاجتماعات قبل ذلك بوقت طويل عبر اللجان الست للجمعية العامة، وتهدف عملية الإعداد إلى مناقشة مختلف القضايا والموضوعات، ومراجعة التقدم المحرز فيها، وذلك تمهيدا لطرح مشروعات قرارات بشأنها خلال اجتماعات الجمعية العامة.


< ما توقعاتكم حول ما ستضيفه الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة تجاه القضايا الدولية والإقليمية الهامة؟
 تسهم اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى إتاحة الفرصة لتبادل الرؤى بين القادة ورؤساء الدول والحكومات حول القضايا المطروحة على أجندة المنظمة الدولية خاصة بالنسبة للموضوعات السالف ذكرها، بما يساعد على توفير الحلول والبدائل للتعامل مع تلك القضايا.


 < هناك شعور دائم لدى الكثير من المواطنين حول العالم بأن الأمم المتحدة تقوم بدور هم أنفسهم لا يلمسونه حول أهم القضايا التى تهمهم مثل الصحة والتعليم وقضايا المرأة والشباب والسلم والأمن وغيرها... كيف ترى ذلك من وجهة نظركم؟
 - الأمم المتحدة تسعى دائما للتعاون المشترك بين مختلف الدول لمواجهة التحديات التى يواجهها العالم خاصة فى مجال التنمية المستدامة، بحيث تأتى جهود الأمم المتحدة مكملة للجهود الوطنية فى هذا الصدد. ولابد من الإشارة هنا إلى أن نجاح منظمة الأمم المتحدة يتوقف على التعاون بين أعضائها، وتكاتف جهودهم تجاه مختلف القضايا، بينما تتراجع جهود الأمم المتحدة فى حالة وجود خلافات بين الدول الأعضاء تحول دون تحقيق التعاون المنشود.


 < مكافحة الإرهاب من أهم القضايا الدولية، من خلال موقعكم ممثلا لمصر فى الأمم المتحدة، ما تقييمكم لأنشطة المنظمة فى هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بالإجراءات اللازم اتخاذها تجاه الأنظمة الداعمة للإرهاب باعتبار ذلك يمثل خرقاً لقرارات الأمم المتحدة؟
 - فيما يتعلق بالتعاون مع الأمم المتحدة فى مجال مكافحة الإرهاب، فقد تواصل التعاون بين الجانبين فى هذا الصدد، وتحرص مصر على التنفيذ الدقيق لكافة قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة، بما فى ذلك الاستراتيجية العالمية للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب. كما تقوم مصر بالتنسيق الوثيق مع أجهزة الأمم المتحدة المعنية، وأهمها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، والمديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب، ولجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن، ولجنة عقوبات داعش والقاعدة، ويتم تبادل الزيارات مع أجهزة الأمم المتحدة المتقدمة.


ومن المقرر أن تشارك مصر فى العديد من الفعاليات المرتبطة بالمنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب على هامش أعمال الجمعية العامة، ومنها الاجتماع التنسيقى السادس عشر للجنة التنسيقية للمنتدى يوم 23 سبتمبر الذى يتضمن جلسة عن أنشطة مجموعة العمل المعنية ببناء القدرات فى إقليم شرق أفريقيا التى ترأسها مصر والاتحاد الأوروبي، والاجتماع الوزارى العاشر للمنتدى يوم 25 سبتمبر، كما من المقرر أن تعقد مصر والاتحاد الأوروبى حدثاً رفيع المستوى يوم 26 سبتمبر حول مكافحة تمويل الإرهاب تنفيذاً لقرار مجلس الأمن رقم 2462 (2019).


 < ما نصيب القارة السمراء من اهتمامات مصر باعتبارها رئيسة الاتحاد الأفريقى العام الحالى خلال اجتماعات الأمم المتحدة؟
-تحرص مصر على تناول أولويات القارة الأفريقية فى كافة المحافل الدولية خاصة فى ظل تولى مصر الرئاسة الحالية للاتحاد الأفريقي، وتعد اجتماعات الشق رفيع المستوى من الجمعية العامة ذات أهمية خاصة فى ضوء تولى شخصية أفريقية رئاسة الدورة المقبلة للجمعية العامة، وهو السفير «تيجانى محمد باندى»، المندوب الدائم لنيجيريا لدى الأمم المتحدة فى نيويورك، أخذا فى الاعتبار الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الأفريقي. وأود أن أؤكد على أن المشاركة المصرية هذا العام تأتى فى إطار استمرار الدور المصرى الفاعل فى الأمم المتحدة، وهو ما عكسه انتخاب مصر للعضوية غير الدائمة فى مجلس الأمن خلال عامى 2016 و2017، بما يؤكد على ثقة الأشقاء الأفارقة وكافة الدول فى الدور المصرى النشط فى أروقة المنظمة.


وتحرص مصر فى ظل رئاستها الحالية للاتحاد الأفريقى أيضاً على طرح أولويات القارة الأفريقية فى كافة المحافل الدولية، وهناك عدة قضايا مرتبطة بأولويات القارة سوف تناقشها اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مثل تحقيق الأمن والاستقرار فى النزاعات والقضايا بعدد من الدول الأفريقية التى مازالت مطروحة على أجندة المنظمة، وتحقيق التنمية طبقاً لأهداف أجندة التنمية 2063، ورفع معدلات النمو، وتوفير التمويل اللازم لمشروعات البنية التحتية فى أفريقيا، بما يسهم فى تحقيق الاندماج الإقليمى والتكامل الاقتصادى خاصة بعد دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ.


< ماذا عن رؤية مصر لأهم القضايا والأزمات العربية، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمات فى كل من ليبيا وسوريا واليمن؟
 بصفة عامة تسعى مصر دائماً لتحقيق الاستقرار فى المنطقة العربية خاصة فى ظل الأزمات التى شهدتها المنطقة خلال الأعوام السابقة، وما شهدناه من تدمير عدد من دول المنطقة. ومن هنا، فإن مصر ترى أهمية العمل على أن ترتبط قضية الإصلاح والتطوير بتحقيق تطلعات الشعوب العربية فى التنمية والحياة الكريمة، وذلك دون المساس بمؤسسات الدولة الوطنية. كما ترى مصر أن حلول القضايا والأزمات العربية يجب أن تتأسس على الملكية والقيادة الوطنية بعيداً عن التدخلات الخارجية التى تؤدى إلى المزيد من التعقيدات وتأجيج النزاعات.


< ما هى أهم الفعاليات رفيعة المستوى التى سيشارك فيها القادة والزعماء على هامش الدورة 74 للجمعية العامة؟
 - هناك عدة قمم واجتماعات رفيعة المستوى من المنتظر أن يشارك فيها القادة والزعماء، حيث تتضمن «الاجتماع رفيع المستوى بشأن التغطية الصحية الشاملة»، و»قمة تغير المناخ»، و»قمة التنمية المستدامة»، و»الحوار رفيع المستوى بشأن تمويل التنمية»، بالإضافة إلى «الاجتماع رفيع المستوى بشأن مراجعة التقدم المحرز فى إدارة أولويات دول الجزر الصغيرة النامية (مسار ساموا)»، وكذلك الاجتماع الرفيع المستوى لدعم جهود نزع السلاح النووي.


 < إلى أين وصلت المقترحات الخاصة بتطوير الأمم المتحدة وتوسيع مجلس الأمن؟
- مازالت الجهود والمناقشات جارية بين الدول الأعضاء من أجل تطوير الأمم المتحدة وتوسيع مجلس الأمن، حيث تحرص مصر على تأكيد أن هناك حاجة ماسة لتطوير منظومة الأمم المتحدة خاصة فيما يتعلق بمسألة التمثيل العادل وزيادة عضوية مجلس الأمن، وتقدّر مصر أنه من الأهمية الدفع بعملية إصلاح مجلس الأمن لجعله أكثر تمثيلاً وشفافية وحيادية ومصداقية، وذلك طبقاً لتوافق أزولوينى وإعلان سرت وهو مطلب رئيسى لاستكمال عملية إصلاح المجلس.


< ما هى الجهود المصرية فى سبيل تفعيل قرار مؤتمر المراجعة لعام 1995 بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط؟
- تتطلع مصر للتعاون بين مختلف الدول من أجل إنجاح مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية عام ٢٠٢٠ حرصا على مصداقية واستدامة المعاهدة، وتنفيذ الالتزامات الدولية ذات الصلة، بما فى ذلك قرار مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار لعام 1995 وقرارى مجلس الأمن رقمى 487 و687 بشأن إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل. وفى هذا الإطار، يعقد مؤتمر لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط، والذى تعقد دورته الأولى خلال شهر نوفمبر المقبل برئاسة المملكة الأردنية الهاشمية.