يواصل الكاتب الصحفي والروائى وسام سعيد إصداراته في أدب الرعب التي بدأها منذ عامين بسلسلته الرباعية «مسارات الرعب» الصادرة عن دار (دون) للنشر والتوزيع، وروايته «قتيلة كامب شيزار»، حيث يعود هذا العام برواية ساخنة من المرجح أن تشعل الأوساط الثقافية بما فيها من طرح فكري وعقائدي، وهي المعنونة بـ (ممر آمن للشيطان) الصادرة كذلك عن نفس الدار والمزمع طرحها في جناح الدار بمعرض القاهرة الدولي للكتاب المقام في ٢٥ يناير الجاري، لذلك كان لنا معه هذا الحوار عن عمله الجديد الشائك.
موضوعات مقترحة
- أنت تحوم حول عش الدبابير.. لماذا اخترت دخول معترك قضية شائكة كالإلحاد في روايتك الجديدة؟!
ببساطة لأن الإلحاد لم يعد ظاهرة ناشئة، تزيد وتفتر بل صارت قضية مثارة فكريا طوال الوقت ليس في الأوساط النخبوية والثقافية فقط ، بل أصبح توجها عقائديا فكريا يزداد انتشارا بين الشباب بسرعة ودون وعى أو قراءة أو دراسة.
- هل تعني أن الملحد المصري أو العربي قراره غير مدروس؟
في الأغلب هو قرار عاطفي انفعالي غير مدروس خاصة لدى الأعمار السنية الصغيرة، وربما تتناسب معه طرديا نسبة الانتحار أو السوداوية والاكتئاب لدى الكثير من هذه الفئة العمرية، ولكن ذلك لا ينفي وجود الكثير من الملحدين المثقفين الذين اختاروا قرارهم بعناية ودراسة، وهذا الأمر كذلك لا يعني أنهم احتكروا الحقيقة واتخذوا القرار الصحيح من وجهة نظري .
- ألم تخش أن تصنف روايتك بأنها دينية وعظية؟
بالطبع كان هذا هاجسا يؤرقني عند اختيار الفكرة وأثناء كتابتها، وهذا ما دفعني إلى تلافي الوعظ شكلا وموضوعا، بل على العكس الرواية تأتي في الأصل في إطار قصص الرعب المحببة لقلب الشباب، وأسلوبها خفيف بالعربية الفصحى والحوار بالعامية المصرية الدارجة، كما أنني حرصت ألا تكون هناك نبرة خطابية أو إرشادية تومى للقارى بأني أملي عليه وجهة نظر محددة ، بل تركت الأحداث تمشي على نسق موجود وواقعي في المجتمع المصري، وكذلك أوروبا حيث يلجأ الكثير من الملحدين إلى مرحلة اللا أدرية والشتات ومن ثم الانتحار.
- هل تقصد في روايتك الإلحاد في مواجهة الإسلام؟
لا.. بل قدمت ظاهرة الإلحاد على مستوى العالم كله في مقابل فكرة الإيمان بشكل عام، من خلال فكرة رمزية وهي الممر، دون تخصيص دين معين في مواجهة الإلحاد، حيث قمت بطرح نموذجين أحدهما في مصر ويخص الدين الإسلامي والآخر في برلين بألمانيا ويخص الدين المسيحي، وبين الخطين الدراميين خيط رفيع ولغز مثير لن يتم حله وفك شفرته إلا في آخر سطر في الرواية.
- هل تأثرت في كتابتها بأعمال سابقة طرحت نموذج الملحد؟
بالتأكيد.. فروايتي الجديدة هي رابع عمل أدبي في تاريخ الرواية المصرية يتناول الإلحاد بشكل صريح كظاهرة فرضت نفسها على العالم منذ قرون، وموجودة في مجتمعاتنا الشرقية وتزداد وتنتشر داخل المجتمع المصري بقوة.
فهناك ٣ روايات تحولت لأعمال سينمائية وهي: رواية (الشحاذ) للأديب العالمي الأستاذ نجيب محفوظ و الثانية هي قصة (غرباء) التي كتبها سعد عرفة وتحولت لفيلم قام ببطولته سعاد حسني وشكري سرحان، والثالثة والأخيرة رواية (لقاء هناك) للكاتب الكبير ثروت أباظة والتى تحولت هى الأخرى لفيلم قام ببطولته نور الشريف. وتأتي (ممر آمن للشيطان) لتكون الرابعة التي تتناول الحالة النفسية والاجتماعية التي يكون عليها الملحد داخل المجتمع المصري ، كيف ينظر الناس إليه ويتعاملون معه.
- وما هو ملمح الرعب الموجود داخل الرواية؟
الرعب يلتف حول فكرة (الكوريدور) في البيوت، وأنه ليس مجرد ديكور تصميمي في المنزل، بل ممر طويل يثير رعب وحفيظة الأطفال على وجه الخصوص، خاصة حين يقومون في منتصف الليل ليشربوا أو يدخلوا الحمام.
- وهل أنهيت الرواية بانتصار فكرة الإلحاد أم الإيمان؟
هذا سؤال ماكر، هذه رواية وليست دراسة علمية موضوعية، فبالتأكيد ما دمت أنا المؤلف وأطرح تصوراتي فقد جعلت النهاية لصالح فكرة الإيمان لأني على قناعة تامة بأن الإلحاد وهم كبير يعيشه صاحبه يورثه العند دون الاستناد الحقيقي لأي نظرية علمية رياضية مثبتة بل كلها مجموعة من الافتراضات التي يبدؤها بعبارة (مش يمكن كذا)، حتى يفني عمره كله مدعيا البحث عن الحقيقة ويصل لمايسمى بـ (اللا أدرية) وتضيع عليه أجمل وأعظم فرصة حقيقية لفهم ما وائيات الكون.
- وما هي هذه الفرصة؟
معرفة الله، فليس هناك لذة تعادل لذة الوصول إلي الله، وتفسير لوغاريتمات الكون والحياة على النسق الذي أخبر هو به عن ذاته جل وعلا.
- وما سر الممر داخل الرواية؟
الممر مجرد فكرة رمزية يعبر عنها بـ (الكوريدور) داخل البيت والذي تدور فيه أحداث مخيفة ومرعبة ، ومن خلالها أعرج إلي فكرة أكبر وهي المعبر الدنيوي الذي نحن بصدده في قلب كون واسع مترامي الأطراف جئنا لدنيا لا نفهمه ولا نعلم عنه شيئا، فعلى كل منا أن يتجاوز ممره ومعبره الخاص به، وفي المقابل هناك ممر خاص يتم تمهيده للشيطان داخل أحداث الرواية.
غلاف رواية "ممر آمن للشيطان"