الأزمة «الإسرائيلية» والدم الفلسطيني

02:47 صباحا
قراءة دقيقتين

أقدمت «إسرائيل» فجر أمس على ارتكاب جريمة مزدوجة استهدفت اثنين من قيادات حركة الجهاد الإسلامي، حيث استشهد أحدهما، وهو بهاء أبو العطا القائد العسكري للحركة في غزة، وعضو المكتب السياسي للحركة المقيم في دمشق أكرم العجوري، حيث استشهد ابنه، ما اضطر المقاومة للرد بقصف صاروخي استهدف مستوطنات يهودية في غلاف غزة، ومناطق أخرى في عمق الكيان.
اللافت أن «إسرائيل» أقدمت بعد الهجومين على إبلاغ مصر بأنها لا تنوي التصعيد، وطلبت التدخل للعمل على ضبط النفس.
واضح أن هذا العدوان يأتي في وقت تعاني فيه «إسرائيل» أزمة سياسية نتيجة فشل «الليكود» الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو، والجنرال بيني غانتس زعيم «أزرق - أبيض» في تشكيل حكومة جديدة، ووسط تنافس الطرفين في الدعوة لاستباحة دماء الفلسطينيين، من أجل كسب أصوات «الإسرائيليين» إذا ما جرت انتخابات جديدة.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف دأب قادة الحزبين في الفترة القليلة الماضية على إطلاق مواقف تدعو إلى تغيير قواعد الاشتباك في غزة والمبادرة إلى اغتيال قادة المقاومة، والسماح للجيش بالقيام بعملية عسكرية واسعة ضد القطاع من أجل ضرب المقاومة وكسر شوكتها، كما اتهم قادة تحالف «أزرق - أبيض» نتنياهو بالتقصير في حماية «أمن إسرائيل».
لعل نتنياهو أراد بهذا العدوان المزدوج الرد على خصومه السياسيين بأنه أكثر التزاماً بأمن «إسرائيل»، وهو على استعداد للذهاب بعيداً من أجل ذلك، حتى لو أدى الأمر إلى حرب واسعة مع القطاع.
نحن في الواقع أمام تطور جديد يقوم على تغيير قواعد الاشتباك في إطار المنافسة الداخلية لإرضاء الناخب «الإسرائيلي»، ولا مانع في أن يكون الدم الفلسطيني هو الثمن.
وعندما تزعم «إسرائيل» أنها لا تريد التصعيد، فإنها تكذب لأنها الآن تعاني أزمة سياسية عميقة، ويرى نتنياهو أن لا مخرج له إلا بالتصعيد في غزة لتبرير ما يسعى إليه بالبقاء في منصبه، لأنه يرى أن الحرب ضد القطاع هي المخرج المناسب لتشكيل حكومة طوارئ برئاسته.
المقاومة من جهتها ترى أن ما جرى يعد تجاوزاً لكل الخطوط الحمر، ومن حقها بالتالي الرد، لأن السكوت على ما قامت به «إسرائيل» يعني أنها لها الحق في العدوان والاغتيال من أجل حماية أمنها كما تزعم، وأن الدم الفلسطيني هو الثمن.
لذلك، عندما ترد المقاومة بقصف المستوطنات اليهودية فهي تمارس حقها في الدفاع عن النفس، والرد على العدوان بما يتناسب والجريمة التي ارتكبت.
نحن في الواقع أمام وضع متفجر ومتدحرج لا يمكن ضبطه بزعم أن «إسرائيل» لا تريد التصعيد، أو إقناع المقاومة بعدم الرد.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"