استطلاع «البيان»: تباين بشأن تداعيات التهديد التركي لأوروبا

ت + ت - الحجم الطبيعي

أظهرت نتائج ثلاثة استطلاعات للرأي، أجرتها «البيان» على موقعها الإلكتروني، وحسابيها في «تويتر» و«فيسبوك» انقساماً بشأن تداعيات التهديد التركي لأوروبا بإغراقها باللاجئين، إذ اعتبر نحو 49.67% وهي متوسط الاستطلاعات الثلاثة أن ذلك سيؤدي إلى حصول أنقرة على دعم مالي من دول القارة العجوز، في حين رأى 50.33% من معدل الاستطلاعات الثلاثة أن التهديد التركي من شأنه أن يؤدي إلى موجة هجرة جديدة.


ويبدو جلياً أن أنقرة تسعى إلى التغطية على أزماتها الداخلية، وكذا توتر علاقاتها بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، من خلال تهديداتها بإغراق أوروبا باللاجئين، كونها ورقة ضغط وابتزازاً تواجه بها تلك الأزمات؛ أملاً بالحصول على مكاسب خاصة جديدة، من بينها مزايا وتمويلات أوروبية لتركيا.


ويرى الباحث والخبير بالشأن التركي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كرم سعيد أن تلك التصريحات تسعى تركيا من خلالها لتحقيق أهداف عدة رئيسية؛ أهمها استيعاب الضغوط الأوروبية- الأمريكية في ظل توتر العلاقات مع الطرفين، بخاصة في ظل تجميد مفاوضات عضوية تركيا بالاتحاد الأوربي، وفرض عقوبات عليها على خلفية التنقيب عن النفط شرق المتوسط.


وعلى رغم أن تلك العقوبات الأوروبية يصفها سعيد بـ «الرمزية نسبياً» إلا أنه يشير إلى كونها تضاف للتوتر القائم في العلاقات التركية الأوروبية، فضلاً عن التوتر الذي تشهده العلاقات التركية- الأمريكية؛ على خلفية الخلاف القائم بين الطرفين في ما يتعلق بالمنطقة الآمنة شمال سوريا، وكذا صفقة المنظومة الصاروخية الدفاعية (إس-400) التي حصلت عليها تركيا من روسيا، وأثارت توتراً كبيراً في العلاقات التركية الأمريكية.


افتعال أزمة


ومن بين الأهداف التي تسعى تركيا لتحقيقها من خلال تلك التهديدات «محاولة التحايل على الوضع المتردي داخلياً، لا سيما في ظل ما يواجهه حزب العدالة والتنمية هناك من مشكلات داخلية وخارجية، وفي خطٍ متوازٍ مع الانشقاقات المتصاعدة داخل الحزب، وتسعى تركيا في هذا الصدد إلى افتعال أزمة لمحاولة التغطية على تآكل رصيد حزب العدالة والتنمية.


ومن بين الأهداف التركيّة أيضاً محاولة الضغط على الاتحاد الأوروبي للحصول على موارد إضافية في ما يخص أزمة اللاجئين، وبعض المزايا الأخرى من بينها إلغاء تأشيرة دخول للأتراك.


أمر آخر تسعى تركيا لتحقيقه من خلال تلك التهديدات، يقول سعيد لـ«البيان»، وهو التعامل بشكل مختلف مع أزمة اللاجئين؛ على اعتبار أن أعصاب تركيا لم تحتمل الأزمة، وتوّلت سياسة الباب المفتوح إلى ورقة ضد حزب العدالة والتنمية، وهو ما ظهر بقوة في انتخابات إسطنبول الأخيرة، وتحدثت تقارير هناك عن المخاطر التي أفرزتها تلك السياسة، مشدداً في السياق ذاته على أن تركيا تستغل أزمة اللاجئين ورقة سياسية في التعامل مع أوروبا، وليس كونها ورقة إنسانية.


نقطة ضعف


من جهته، يرى الخبير الاستراتيجي د. عامر السبايلة أنها ليست المرة التي تهدد فيها تركيا أوروبا، وهي تعلم أن موضوع اللاجئين يشكل نقطة ضعف لديهم وأنها من أحد أسباب أهم الأزمات التي تعيشها أوروبا اليوم. وفي ظل هذا الوضع يعود التلويح التركي، ولكن ستنتهي هذه السياسة بأن يصبح هنالك تعظيم لفكرة تحويل تركيا إلى الجار غير المؤتمن وإلى خطر التعامل معه.


أما الباحث والكاتب الصحافي حمادة فراعنة فبيّن أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستعمل ورقة اللاجئين السوريين دائماً لابتزاز أوروبا أو دفعها للرضوخ للمطالب التركية. ويفعل ذلك من أجل تحقيق غرضين، أولاً ضرورة مساهمة أوروبا في تغطية احتياجات اللاجئين السوريين والتخفيف العبء عن الموازنة التركية التي تواجه هذا اللجوء.


بدوره، أشار المحلل السياسي د. محمد البشير إلى أن ما اعتبره «ابتزازاً تركياً» يعد خارج الإطار الإنساني والأخلاقي للاجئين السوريين. وهو تأكيد جديد على أن تركيا من خلال اللاجئين الذين يقارب عددهم 3 ملايين تحقيق مكاسب سياسية ومالية. هذه المطالبات هي مالية بالدرجة الأولى وخاصة أن الوضع الاقتصادي لديها شائك ومرتبك ويمر بفترة صعبة.


وأضاف: «المطلوب من القوى الفعالة في سوريا بعد الاستماع لمثل هذه المطالبات أن تتوجه إلى طاولة الحوار لإيجاد صيغة تتناسب مع وحدة سوريا، وأن توفر الفرصة الملائمة لعودة اللاجئين، فتركيا في هذا الخطاب لا تخشى من موجات اللجوء بقدر هدفها من الحصول على الدعم المالي».

Email