عادي
الإمارات تؤكد وقوفها مع الخرطوم لتأسيس نظام قادر على تحقيق مستقبل مزدهر

فجر السودان يبزغ بعد انحسار ليل «الإخوان»

05:11 صباحا
قراءة 5 دقائق

الخرطوم: «الخليج»، وكالات

وقع المجلس العسكري الانتقالي السوداني وقوى إعلان الحرية والتغيير، أمس السبت، اتفاقاً من شأنه أن يمهد لبدء مرحلة انتقالية، تؤدي إلى حكم مدني في البلاد، وسط حضور رسمي من دول عدة، فيما عمت الاحتفالات الشوارع في الخرطوم.

ووقع «الوثيقة الدستورية» نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي»، وممثل تحالف «إعلان قوى الحرية والتغيير» أحمد الربيع في قاعة فخمة تطل على نهر النيل في الخرطوم.

وتجمع آلاف السودانيين في الشارع قرب مكان الاحتفال الرسمين الذي استغرق أكثر من ثلاث ساعات.

وفور انتهاء التوقيع، حمل رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان الوثيقة التي وضعت في غلاف سميك باللون الأخضر عالياً، ولوح بها وسط تصفيق الحاضرين، وبينهم رؤساء أفارقة إلى جانب ممثلين عن الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، كما حضر وزراء ومسؤولون من دول خليجية وعربية.

وشارك ‎الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير دولة في مراسم حفل التوقيع.

وجلس «حميدتي» والربيع على المنصة الرئيسية، وبجوارهما رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، الذي قاد الوساطة التي أدت إلى الاتفاق، ورئيس وزراء مصر مصطفى مدبولي.

ووصف ممثل الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد في كلمة ألقاها خلال الاحتفال، التوقيع ب«الإنجاز التاريخي العظيم».

ثم ألقى الصادق المهدي كلمة اعتبر فيها أن هذا اليوم هو «يوم عبور إلى الحكم المدني الذي سيحقق السلام والتحوّل الديمقراطي؛ عبر انتخابات حرة احتكاماً للشعب السوداني». وأكد ضرورة فتح الباب أمام «كل القوى التي لم تلوث مواقفها بالاستبداد»، ودعا إلى عدم إقصاء أحد.

وأشار إلى أن هذه المرحلة ستضبطها شراكة مؤسسة مدنية عسكرية؛ للعبور للانتخابات التي سيسترد من خلالها الشعب حقوقه الضائعة. ونوّه إلى مشاركة المرأة السودانية التي استطاعت أن تنفض عنها غبار الدونية، وتسجل مواقف مشهودة في الثورة. وأكد أن الشعب السوداني سيكون حارساً لمعاني الثورة في العمل المدني، وتحقيق السلام.

وتم التوصل إلى الاتفاق بين المجلس العسكري الذي تولى الحكم بعد إطاحة البشير، والمحتجين، بوساطة إثيوبية؛ بعد عملية قمع دامية لاعتصام كان يطالب بتسليم الحكم إلى المدنيين. وتسببت عملية القمع بمقتل أكثر من 250 شخصاً، بحسب لجنة الأطباء المركزية القريبة من المحتجين.

وعلقت لافتات داخل القاعة الفخمة التي تم فيها التوقيع، كتب عليها «فرح السودان».

ووصف رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح برهان من جهته يوم توقيع الاتفاق بأنه «يوم نصر أمتنا التاريخي». وقال متوجهاً إلى السودانيين «قواتكم المسلحة ستبذل الغالي والنفيس؛ من أجل حماية الشعب السوداني، وتحقيق الانتقال إلى الحكم الديمقراطي».

قال البرهان: إن القوات المسلحة هي «شريك الشعب في التحرر»، معرباً عن شكره لكل من أسهم في إنجاز الاتفاق المتعلق بالمرحلة الانتقالية، داعياً الشباب إلى «الإسهام في نهضة السودان».

وقال البرهان: «هذه الثورة بلغت مراميها بتضحياتكم وتوقكم للحرية؛ حيث أثبتم أنكم معلمين للشعوب بنيل مبتغاكم وبلوغكم مآلات التغيير عبر سلميتكم، التي ستظل محفورة في وجدان العالم وذاكرته الحية، وحفاظكم على ممتلكاتكم ونسيجكم الاجتماعي المتين.. وأتقدم لكم بجزيل الشكر على ذلك أيها الشعب العظيم».

وأشار البرهان إلى أن الأيام التي أمضتها الأطراف في التفاوض بشأن الاتفاق، «أثبتت أن من قادة الثورة رجال امتلأوا وطنية وحماساً وإخلاصاً، وأن قوى إعلان الحرية والتغيير، والقوى الثورية الأخرى هم شركاء في هم الوطن وفي هم الإصلاح والتغيير، وتلك الأيام كشفت نقاء المعدن النفيس لكافة أطياف الشعب السوداني». واستطرد قائلاً: «حكماء الوطن وأصحاب المبادرات الوطنية الذين لم يبخلوا بالنصح والرؤى مكتوبة ومنطوقة في جلسات طويلة تفيض وطنية، شكلت تلك الآراء السراج الهادي لما توصلنا إليه من ترتيبات للفترة الانتقالية».

وشدد البرهان، أن البلاد تتجه الآن نحو «مرحلة البناء».

ودعا البرهان مختلف أطياف الشعب السوداني إلى جعل هذا اليوم محطة لتجاوز مرارات الماضي والنظر قدماً نحو المستقبل. ووجه البرهان حديثه إلى الشباب السوداني، قائلاً: «يا شباب هذه الأمة.. أتوجه إليكم بالشكر يا من كنتم وقود هذه الثورة، فقد كان واجبكم وقمت به خير قيام، ولكن أدعوكم للانتقال لمربع العطاء، فأنتم من يعول عليه هذا البلد في البناء والإعمار والتقدم، فجيلكم الذي فاقت مهاراته العلمية وشهاداته العليا قدرة البلاد على توظيفه، ففاض على الدول الشقيقة والصديقة.. اليوم هو مطالب في أن يسهم في نقل بلاده إلى مرحلة جديدة في مصاف القوى المتقدمة، وهو أمر لا أراه بعيداً».

وتعهد نائب رئيس المجلس العسكري، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بالالتزام «بكل حرف تم الاتفاق عليه» في الوثيقتين الدستوريتين. وقال حميدتي «أي حرف اتفقنا عليه سننفذه بحذافيرة..لإن مصلحتنا هي مصلحة البلد وليس لدينا مصلحة خاصة».

أكد ممثل قوى التغيير محمد ناجي الأصم، أن التوقيع على الوثائق النهائية للفترة الانتقالية يفتح صفحة جديدة في البلاد ويطوي حقبة من الفساد والاستبداد والانتهاكات. وقال إن قوى التغيير ستعمل على أن يكون السلام شاملاً في كافة مناطق الحروب بدون استثناء، مشدداً على تمسك التحالف بإجراء التحقيق العادل والموضوعي في فض اعتصام القيادة العامة للجيش وكافة الانتهاكات التي ارتكبت بحق الشعب السوداني وألا يفلت أي مجرم من العقاب.

وقال: نتطلع لإنهاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة وكفالة حقوقها قانوناً وممارسة، مطالباً بالعمل على إعادة السودان إلى المجمتع الدولي .

وأعلن سلفا كير ميارديت رئيس جنوب السودان وقوف بلاده مع السودان؛ من أجل تحقيق أهداف المرحلة الانتقالية، وتحقيق السلام الشامل والحقيقي. وقال ، إن بلاده ستلعب دوراً في عودة المجموعات المسلحة للسلام، داعياً السودانيين للتماسك الداخلي، وتحقيق التنمية الاقتصادية. وأضاف: إنه يجب إعطاء السودانيين الفرصة دون أي تدخل؛ لأنهم يعرفون ما هو خير لبلادهم.

وأشار إلى الروابط المشتركة التي تربط بلاده بالسودان، وقال: إنها روابط حضارة وثقافة ذات مشتركات فنية وموسيقية واجتماعية وأسرية، معرباً عن أمله للسودان بمرحلة سياسية جديدة ولحياة أفضل. وعلى الرّغم من أنّ الطريق إلى الديمقراطية لا تزال حافلة بالكثير من العقبات، فقد خيّمت الأجواء الاحتفالية على البلاد منذ الصباح. وتقاطر الآلاف من المواطنين من جميع أنحاء السودان إلى الخرطوم؛ للاحتفال بالمناسبة.

وانتقلت الاحتفالات إلى ساحة الحرية، التي احتشدت فيها جماهير غفيرة، وانطلقت مواكب في جميع مدن العاصمة السودانية، واتجهت إلى أماكن الاحتفالات الرسمية والشعبية؛ ابتهاجاً بانتهاء مراسم التوقيع، كما شهدت الولايات احتفالات مماثلة مساء أمس.

وسيتم، اليوم الأحد، الإعلان عن تشكيلة مجلس الحكم الانتقالي الجديد الذي سيتألف بأغلبيته من المدنيين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"