الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإسعافات الأولية لحظات حاسمة تهَب الحياة

الإسعافات الأولية لحظات حاسمة تهَب الحياة
28 يوليو 2019 02:05

سعيد الصوافي (أبوظبي)

شهدت الآونة الأخيرة وقوع حوادث منزلية وأخرى حالات طارئة في أماكن العمل وعلى الطريق، تفاقمت أوضاعها بسبب ضعف الوعي العام بأهمية الإسعافات الأولية والتي تعتبر من المبادئ الأولية البديهية التي يجب على كل شخص أن يكون ملماً بها لأهميتها البالغة على الفرد والمجتمع.
وتمثلت أبرز الحالات التي كان بالإمكان إنقاذها وإزالة خطر الموت عنها الغرق والاختناق (الغصة) والنوبات القلبية والصرع والسكتات الدماغية وإغماءات السكر، جراء جهل الكثيرين بأبسط التعليمات المتعلقة بكيفية التصرف عند الحالات الطارئة وخصوصا تلك التي تتطلب تدخلاً سريعاً وعاجلاً لإنقاذها، إذ يعتبر حسن التصرف وتحلي المسعف بالهدوء أولى خطوات التعامل مع المصابين لحين وصول فرق الإنقاذ المتخصصة ونقلهم إلى المستشفى.
ويؤكد مختصون أهمية جعل الإسعافات الأولية ومبادئها الأساسية ضمن جميع المناهج الدراسية وفي جميع المراحل، لتعليم الطلبة بمختلف أعمارهم وفئاتهم كيفية التعامل مع الحوادث والأمراض المختلفة، وكذلك الاستفادة من أماكن التجمعات السكانية لإعطاء تدريبات معينة عن أهم خطوات الإسعاف الأولى لربات البيوت، فضلاً عن تزويدهم بالأجهزة المختصة بالإنعاش الرئوي وحقائب الإسعافات الأولية وتدريبهم على كيفية استعمالها.
إلى ذلك، كشفت شرطة أبوظبي عن برنامج لتدريب متطوعين على التعامل مع الحالات الطبية الطارئة وربطهم بغرفة العمليات عبر بتطبيق ذكي يمكن من خلاله الاستعانة بهم كمستجيب أول في أماكن تواجدهم في حالات الطوارئ وذلك عبر برنامج «سواعد الإسعاف».

مهنة إنسانية
ويرى أحمد صالح الهاجري الرئيس التنفيذي للإسعاف الوطني أن «الإسعاف» مهنة إنسانية وأن تطبيق ممارسات الإسعافات الأولية بطريقة صحيحة من شأنه أن يساعد على إنقاذ المصابين ومنع حدوث مآسي طبية يمكن تفاديها، داعياً إلى ضرورة حصول جميع أفراد المجتمع على تأهيل وتدريب كاف للتعامل مع الحالات الطارئة عند الضرورة.
وأكد على أهمية تعزيز ونشر التوعية والمعرفة المرتبطة بخدمات الإسعاف والإسعافات الأولية لدى جميع شرائح المجتمع بما في ذلك الطلبة في جميع المراحل الدراسية، مشيراً إلى التعاون القائم بين الإسعاف الوطني ووزارة التربية والتعليم لتدريب المعلمين على الإسعافات الأولية ضمن برنامج مكثف ومن ثم تأهيلهم ليصبحوا مسعفين ومدربين للطلبة على كيفية التعامل مع الحالات الخطرة ليكون لدينا جيل مؤهل وملم بالإسعافات الأولية الضرورية.
وذكر أن غرفة العمليات تسهم بفعالية في إدارة البلاغات بطريقة مباشرة وفق أعلى المعايير العالمية ومجهزة بتقنيات عالية وفرق عمل مؤهلة للتعامل مع الحالات الطارئة وتقديم التوجيهات الطبية للمتصلين وفق الإرشادات المضمنة في «دليل كينج كاونتي» لتصنيف الحالات ومساعدة المبلغين في تقديم الإسعافات أو العلاجات الأولية ريثما تصل سيارة الإسعاف، وهو دليل تم اعتماده دولياً نظراً للنتائج الملموسة التي تحققت بفضل استخدامه من قبل غرف عمليات الإسعاف عبر العالم.

مخرجات العلاج
من جانبه، أكد الدكتور مروان علي، مدير إدارة الجاهزية واستمرارية الأعمال لشركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة» أن وجود المسعفين في المجتمع يسهم بشكل أساسي في حماية المجتمع وإنقاذ الأرواح، حيث يصعب توفير خدمات طبية في كل المواقع العامة والخاصة والبديل أن يتولى أفراد المجتمع المسعفين إنقاذ أرواح ذويهم ومواطنيهم عند وجود إصابات تستدعي تدخل طبي قد لا يكون متوفر في وقت الحدث.
وأشار إلى الدور الكبير للإسعافات الأولية في تقليل الضرر على المصابين وحماية أرواحهم، وكذلك دورها في منظومة الرعاية الصحية بشكل عام، حيث يؤدي تقديم الإسعافات الأولية للمصابين في الوقت المناسب إلى سهولة التعامل الطبي معها لاحقا ويحسن من مخرجات العلاج على الشخص المصاب بشكل كبير، وعليه فان تعلم الإسعافات الأولية يعتبر عمل إنساني جليل وصفة من صفات المواطنة الإيجابية التي يجب أن يتحلى بها كل شخص على هذه الأرض الطيبة.
من هذا المنطلق، يضيف علي، فإن المؤسسات الوطنية في الدولة، تدعم بشكل كبير مبادرات نشر المعرفة والوعي بالإسعافات الأولية بين أفراد المجتمع وتحفز على الاستمرار في أخذ الدورات الإنعاشية للتأكد من تبني أفضل الممارسات الحديثة في التعامل مع الإصابات وتجنب استخدام أي ممارسات غير صحيحه، مناشدا جميع أفراد المجتمع باختلاف أعمارهم وفئات أعمالهم وجنسياتهم والمؤسسات جميعها بالحرص على تعلم مبادئ الإسعافات الأولية وتعليمها لأفراد عوائلهم والمؤسسات لمنتسبيها ليتسنى لنا أن نبني مجتمع آمن وأفراد فاعلين في الحفاظ على سلامة وصحة مجتمعاتهم.

تجربة شخصية
وفي تجربة شخصية، تروي الشابة المواطنة هند علي الظاهري أن اهتمامها بتعلم الإسعافات الأولية بدأ بعد أن أنقذت حياة عامل من إحدى الجنسيات الأفريقية، في العقد الثالث من العمر، تعرض لأزمة قلبية، أثناء أدائه مهام عمله، وذلك من خلال القيام بعملية إنعاش قلبية استفاق بعدها واستعاد التنفس إلى أن حضر المختصين في سيارة الإسعاف الوطني، وتم نقله للمستشفى.
تقول الظاهري إنها، وخلال عودتها لمنزلها بعد انتهاء يوم عملها، فوجئت، بوجود شخص ملقى على الأرض بشارع واسط بعجمان فاقدا للوعي، وأن شخصين آخرين يحاولان التعامل معه وإنقاذه ولكن بطريقة غير مدروسة، فتوجهت إليهم وتواصلت مع الإسعاف الوطني عبر رقم الطوارئ «998»، وأبلغتهم بالواقعة، ومن خلال التجاوب السريع، أرشدتها موظفة غرفة العمليات التي تلقت الاتصال بالتعامل السليم مع الحالة، وظلت معها عبر الهاتف، تدلها على طريق الإنعاش السليم للحالة، بالضغط على صدر الشخص الملقى على الأرض بكلتا يديها، ولمدة نحو ثلاث دقائق، حتى استفاق واستعاد أنفاسه وتم نقله للمستشفى للعلاج واستقرت حالته.
وأوضحت أنها مطلعة على بعض طرق الإسعافات الأولية بصورة عامة، ورأت أن من واجبها التدخل لإنقاذ حياة إنسان، خاصة أنها ومن الوهلة الأولى في الموقف، أيقنت أن زميلاه ليس لديهما أي فكرة عن التعامل مع مثل هذه الأزمات المفاجئة.
وأشارت إلى أن إنقاذ حياة الناس يعد عملا إنسانيا، لذا يجب على الجميع أن يكونوا ملمين بأبسط مبادئ الإسعافات الأولية لأهميتها في حياته اليومية سواءً كان بالعمل أم بالمنزل أم بالشارع.

«ساند» التطوعية
وتعمل دولة الإمارات من خلال المؤسسات المعنية على تعزيز ثقافة العمل التطوعي لاسيما في المجالات الإنسانية، لبناء مستقبل أفضل للأجيال الجديدة، ومن بين هذه المؤسسات المعنية بالعمل التطوعي «ساند» وهو مبادرة تطوعية لمؤسسة الإمارات بالتعاون مع الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث (NCEMA)، وتعمل على توحيد المتطوعين بدافع من الشعور بالمسؤولية المدنية، وتدريبهم على التعامل مع الأزمات. وتدعم ساند الهيئة الوطنية للطوارئ خلال حالات الطوارئ، عبر تزويد الشباب بالمهارات اللازمة لحماية إخوانهم المواطنين.
ويعد برنامج «ساند» التطوعي الذي تم إطلاقه لتعزيز جاهزية الدولة للاستجابة في حالات الطوارئ من البرامج الناجحة في الدولة. وتم تطوير نموذج تدريب برنامج ساند وفقا لأفضل الممارسات والمعايير الدولية بما يتلاءم مع احتياجات وظروف وثقافة دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويساهم «ساند» في تعزيز مرونة المجتمع واستجابته للكوارث والأزمات وحالات الطوارئ من خلال تكوين كادر مؤهّل من المتطوعين للاستجابة لحالات الطوارئ من خلال تدريب المواطنين على الاستعداد الأساسي لحالات الطوارئ وتعزيز السلامة ونشر متطوعين مُعتمدين للاستجابة لحالات الطوارئ عند الحاجة، والاستجابة للأزمات والكوارث الدولية واسعة النطاق. ويشمل البرنامج التدريبي تعلم التأهب لحالات الطوارئ، المهارات القيادية، العمليات الطبية والسلامة في إخماد الحريق، علم نفس الكوارث وعمليات البحث والإنقاذ، الفرز والتصنيف، الإسعافات الأولية والإنعاش القلبي الرئوي والإسعافات الأولية المتقدمة، إدارة الأحداث، والقيادة المتقدمة وبناء الفريق.

«سواعد الإسعاف»
كشفت شرطة أبوظبي عن قيامها بتدريب متطوعين على التعامل مع الحالات الطبية الطارئة وربطهم بغرفة العمليات عبر بتطبيق ذكي يمكن من خلاله الاستعانة بهم كـ «مستجيب أول» في أماكن تواجدهم في حالات الطوارئ وذلك عبر برنامج «سواعد الإسعاف»، بحسب الرائد سيف جمعج الكعبي رئيس قسم المهام الخاصة والفعاليات، لافتا إلى وجود إقبال كبير من المتطوعين للتسجيل في البرنامج.

وذكر أن البرنامج يستقطب متطوعين من المواطنين والمقيمين لتدريبهم وتأهيلهم على التعامل مع الحالات الطبية الطارئة، والاستجابة للبلاغات، بتقديم الرعاية الصحية للمرضى والمصابين بالطريقة الصحيحة لحين وصول طواقم الإسعاف.
وأكد أن شرطة أبوظبي تولي أهمية خاصة بالإسعافات الأولية وتدريب الأفراد والطلبة وربات المنازل على التعامل مع الظروف الصحية المفاجئة التي تتطلب الرعاية الصحية على وجه السرعة.
وأضاف: «تم تدريب شخصين في كل مؤسسة ودائرة حكومية على إجراء الإسعافات الأولية والتعامل مع الإصابات والحالات المرضية، وتمكينهم من تقديم الرعاية الصحية الطارئة»، مشيراً إلى التركيز على كيفية التصرف مع الظروف المفاجئة. ولفت إلى «الإسعاف المجتمعي»، الذي يعد أحد الخدمات التي تقدمها شرطة أبوظبي، لتعزيز وعي المجتمع وتدريبهم على التعامل مع الحالات الطارئة، وتعريفهم بطرق الرعاية الصحية، وكيفية التصرف في حال حدوث إصابات، والاتصال بمركز القيادة والتحكم عبر هاتف رقم«999»، وتحديد احتياجات الجهات الخارجية من التدريب. وتعمل شرطة أبوظبي على نشر وتعلم ثقافة الإسعافات الأولية، وإبراز دورها في إنقاذ حياة الأشخاص عند تعرضهم للإصابات، والتعامل مع الظروف الصحية المفاجئة وترسيخ هذا المفهوم لدى الأفراد على نحو يجعلهم يدركون أهميته لإنقاذ حياة المصابين والمرضى، بالإضافة إلى تطوير برامج وخطط للتدريب، لزيادة المستفيدين.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©