جاءت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، إلى جمهورية الصين الشعبية، وسط الأسبوع المنصرم، في مرحلة حساسة تمر بها المنطقة والعالم ككل. وهي زيارة تاريخية ومهمة في هذه الحقبة من التاريخ، حيث يشهد العالم تجاذبات وتحديات وأزمات كثيرة ومتشعبة. وفي منطقة الخليج على الخصوص هناك حشود وأساطيل أجنبية تتوافد رداً على التهديد الإيراني لأمن المنطقة ولسلامة الملاحة البحرية الدولية، من خلال استهداف السفن المارة عبر مضيق هرمز الحيوي والاستراتيجي لأمن الطاقة العالمي، حيث بدأت السفن المستخدمة لهذا الممر المائي الدولي الهام، تتعرض لمخاطر القرصنة من جانب إيران التي لم ينقطع أذاها منذ عام 1979، ولا خلال سنوات الحرب العراقية الإيرانية، لكنه عاد ليتعاظم في الفترة الأخيرة.
وأثناء الزيارة التاريخية، وصف الصينيون مواقف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بأنها «سور العرب»، لما يتمتع به سموه من حضور وتأثير مهمين وفعالين وقويين، ولحرص سموه على أمن واستقرار المنطقة ودورها الريادي والفعال، حيث واظب سموه على العمل من أجل التقارب في وجهات النظر بين العديد من الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية التي تتمتع بعلاقات قوية ومتينة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، لما اكتسبته هذه الدولة الكبرى من سمعة دولية واسعة ومرموقة خلال العقود الأخيرة، وذلك لجهة تأثيرها التجاري والصناعي والسياسي، حيث برزت الصين بشكل لافت وواضح من خلال صناعاتها الاقتصادية المتطورة وعلاقاتها التجارية الواسعة وأدوارها العسكرية الفاعلة والمتنوعة.. مما جعل لها شأناً كبيراً ودوراً محورياً فعالا ومؤثراً في جميع الصناعات والابتكارات ومنحها الدورَ الاقتصادي الأكبر.. وبذلك أصبحت الصين قوة ضاربة ولاعباً قوياً في المعادلة السياسية الدولية وفي خريطة التوازنات الاستراتيجية. إنها قوة توازن دولي مهمة تحتاجها المنطقة في هذا الظرف الحساس، حيث تمر الأمة العربية على الخصوص بمرحلة تتطلب مد جسور التعاون مع قوة دولية كبرى مثل الصين. وهذا ما قام به صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في زيارته التاريخية الأخيرة للصين، والتي أبدت وسائل إعلامها اهتماماً موسعاً ولافتاً بزيارة سموه، وكذلك فعل الإعلام الخليجي والعربي والعالمي.
ومما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد خلال الزيارة، إن علاقات دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية لها مردود إيجابي كبير في مسيرة البلدين، لأن الأمم تبني حضارتها بسواعد أبنائها وعزائمهم وتضحياتهم. وأشار سموه إلى وضع خارطة طريق لـ100 عام مقبلة في مجال التعاون الكامل والتنسيق الدائم بين الصين والإمارات، مبيناً بأن الإمارات بدأت بتعليم اللغة الصينية في أكثر من 200 مدرسة داخل الدولة خلال الفترة الأخيرة، وأن هناك تطوراً سريعاً وغير مسبوق في العلاقات بين البلدين. ويعني ذلك أن سموه مدرك تماماً، ومثمِّن ومقدِّر، لدور جمهورية الصين الشعبية التي بدأت العلاقات الثنائية بينها وبين دولة الإمارات قبل أكثر من 35 عاماً، وظلت تتطور وتزدهر وتنمو بشكل مطرد وموسع وسريع وقوي في جميع المجالات، لأهمية دور البلدين وموقعهما المؤثر في المنطقة والعالم.

*كاتب سعودي