الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

بريطانيا في مفترق طرق.. سيناريوهات الخروج من الاتحاد الأوروبي أحلاها مر

بريطانيا في مفترق طرق.. سيناريوهات الخروج من الاتحاد الأوروبي أحلاها مر
20 يناير 2019 00:14

دينا مصطفى (أبوظبي)

لم يكن المشهد في بريطانيا أكثر ضبابية مما هو عليه الآن بعد رفض مجلس العموم البريطاني خطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي التي أصبحت في وضع حرج، ولم يتبق أمامها الكثير من الخيارات، فجميع الاقتراحات مرفوضة، وكل الطرق مسدودة والانقسام غير المسبوق هو السائد في المشهد، والسيناريوهات المطروحة غير قابلة للتنفيذ لعدم وجود أغلبية برلمانية في مجلس العموم البريطاني لتمرير أي سيناريو، والفرقاء لم يجتمعوا سوى على رفض خطة تيريزا ماي للخروج، وليس لدى أي طرف تصور يحظى بالقبول عند الفريق الآخر للخطوة القادمة. ففي الوقت الذي يؤيد فيه أنصار «الخروج الخشن»، بمعنى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، يحذر أنصار «الخروج الناعم» و«أنصار البقاء» من هذا الخيار ويدعون إلى تعطيل العمل بالمادة 50 من معاهدة لشبونة وتجميد البريكست وإجراء استفتاء ثان على الخروج بعد أن بات المجتمع البريطاني على دراية كاملة بتبعات البريكست التي قد تصل إلى انقسام أيرلندا وعودة الحرب الأهلية إذا ما تم وضع حدود فاصلة بين أيرلندا الشمالية والجنوبية بحسب خبراء، بالإضافة إلى احتمالية انفصال إسكتلندا عن المملكة المتحدة لأنها لا تريد الخروج من الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى تراجع المملكة المتحدة في مركزها ضمن أكبر عشر اقتصادات في العالم وفقدها لمكانتها كعاصمة للمال والأعمال.

رغم كل هذه المخاطر، يرى خبراء أن هناك تهويلا بين الفريقين في عدة سيناريوهات تتعلق بتبعات الخروج من دون اتفاق أو التهوين من نتائجه، وكذلك تبعات الخروج بشكل كامل الذي بطبيعة الحال لديه إيجابياته وسلبياته أو حتى البقاء. فإلى أين تتجه بريطانيا وما هي السيناريوهات المتوقعة في الأشهر القليلة القادمة ؟

خلافات وارتباك وانقسام
أثارت خطة رئيسة الوزراء البريطانية للخروج من الاتحاد الأوروبي العديد من الخلافات والانقسامات الكبيرة في مجلس العموم البريطاني والحكومة البريطانية أدت إلى العديد من الاستقالات من الحكومة، اعتراضاً على بعض بنودها، كما ساد ارتباك شديد في لندن بعد رفض مجلس العموم البريطاني خطة الحكومة البريطانية للبريكست، وأعربت كل من فرنسا والدنمارك والسويد وألمانيا وأيرلندا عن أسفهم، فيما دعا جيرمي كوربين رئيس حزب العمال المعارض إلى سحب الثقة من تيريزا ماي التي نجت بفارق 19 صوتاً فقط. وحذر خبراء من خطر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشكل غير منظم، بينما دافعت رئيسة الوزراء البريطانية عن خطتها مؤكدة أنها الخطة الوحيدة لتحقيق إرادة الشعب الذي صوت للخروج، وشددت على عدم إمكانية الحصول على اتفاقية أفضل كما اعتبرت أن هذه الاتفاقية تحمى حقوق المملكة المتحدة ومواطني المملكة المتحدة المقيمين في بلدان الاتحاد الأوروبي كما تحمي حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في المملكة المتحدة، وبدون هذه الاتفاقية لن يكون من الممكن التوقيع على اتفاق تبادلي لحفظ هذه الحقوق. وبعد التصويت يوم الثلاثاء الماضي برفض الاتفاق داخل مجلس العموم البريطاني لم يتبق الكثير من الخيارات أمام رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، فما هي هذه السيناريوهات المتبقية أمامها ؟

السيناريو الأول: إعادة التصويت
ستسعى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في الأيام القادمة في التقدم بطلب لتصويت ثانٍ على خطتها المعدلة في حال نجحت في تعديلها مع الاتحاد الأوروبي، وهو احتمال ضئيل لأن الاتحاد الأوروبي رافض لأي تعديلات، إلا في حالة تنازل ماي عن أحد خطوطها الحمراء، وهذا لا يضمن لها سوى فرصة ضئيلة للنجاح. وقد أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تشككه في أن الاتحاد الأوروبي سيعيد التفاوض بشأن اتفاق رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لخروج بلادها من التكتل. وطلب الرئيس الفرنسي من القادة البريطانيين البحث عن مخرج للأزمة بأنفسهم وتمنى لهم «حظاً سعيداً» في إيجاد طريقة للخروج من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس.

السيناريو الثاني: عدم التوصل إلى اتفاق
إذا لم تتوصل تيريزا ماي إلى اتفاق داخلي بشأن خطة خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي حتى 29 مارس المقبل، فإن ذلك سيعني وقف تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي في بريطانيا بين ليلة وضحاها، ما يهدد بحدوث عواقب فوضوية بالنسبة للاقتصاد والكثير من قطاعات الحياة الأخرى.

السيناريو الثالث: إعادة الاستفتاء على بريكست
يعد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير من أبرز الداعين لإجراء استفتاء ثانٍ بشأن خروج بريطانيا من عدمه. لكن في مواجهة الدعوات لإجراء هذا الاستفتاء الآخر لحل المأزق، قالت ماي إن هذا من شأنه أن يشكل خيانة لنتيجة استفتاء 2016 ويقوض ثقة الناس بالسياسة.

السيناريو الرابع: رفض بريكست
يمكن لبريطانيا أن تقطع مفاوضات بريكست مع الاتحاد الأوروبي ببساطة، لكن ذلك ليس وارداً في قناعة البريطانيين الذين صوتوا لخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي بعد أن وافق 17.4 مليون بريطاني أي 51.9 في المئة من المشاركين في الاستفتاء على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو 2016.

السيناريو الخامس: النموذج النرويجي
يمكن لبريطانيا أن تعتمد النموذج النرويجي في علاقتها بالاتحاد الأوروبي، أي أن تبقي على التزامها بدفع المستحقات المالية وتطبق الكثير من الاتفاقات الأوروبية لكنها غير معنية بالتصويت. ويعني هذا النموذج البقاء في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي. والنرويج ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، لكنها ترتبط بشكل وثيق مع التكتل من خلال عضويتها في المنطقة الاقتصادية الأوروبية.

«الباكستوب».. الخلاف الرئيسي
«يعد الباكستوب أحد أسباب الرفض القاطع لخطة تيريزا ماي، فالباكستوب هي النقطة المفصلية لرفض
أغلب نواب البرلمان لهذه الخطة لأنها تطبق فقط إذا ما تعثرت المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في
الخروج الرسمي في 2020 ، والاحتمال الأكبر أن تطبق لأن أي اتفاق تجارة حرة يأخذ أعواماً لكي يطبق. ويشكل عدم
وجود حدود بين أيرلندا بين الشمال والجنوب كارثة كبرى وهو جزء من اتفاق الجمعة الطيبة التي تم عقدها بين
المؤيدين للانضمام إلى جمهورية أيرلندا الجنوبية والرافضين لذلك. والمعضلة أن الحرب الأهلية استمرت في أيرلندا
التي قٌتل بها المئات وبالكاد بعد عقود من الدماء، استطاع المجتمع الدولي أن يتم جمعهما سوياً ويمنع الدماء بين الجانبين في اتفاق الجمعة الطيبة، فإذا تم تطبيق بريكست في هذه الحالة يجب أن يضع الاتحاد الأوروبي نقاط تفتيش بين أيرلندا الشمالية والجنوبية لحماية سوقه الموحدة، فإذا خرجت بريطانيا من دون اتفاق ستضع حدوداً فاصلة، وإذا وضعت حدوداً سينتهي السلام في أيرلندا الشمالية وستكون مشكلة دولية كبرى، وتعود الحرب المفتوحة بين البروتستانت والكاثوليك وبين الشمال والجنوب وتندلع المواجهات مرة أخرى. وعملياً ستستيقظ الآمال لدى الجناح المؤيد لأيرلندا الجنوبية لوحدة الأيرلنديتين.

أخطاء استراتيجية
ارتكبت ماي أخطاءً استراتيجية سيدفع كلفتها 65 مليون بريطاني، هو عدد سكان المملكة المتحدة، فقد حرصت رئيسة الوزراء البريطانية على التفاوض في قضية مستقبل المملكة بأكملها دون الرجوع لأي من الأحزاب الأخرى وفي دائرة ضيقة من المستشارين داخل حزبها. ويبدو أن ماي لم تدرك أن البريكست أكبر من تنافسها الحزبي وحساباتها الضيقة، وأن الأطياف الحزبية كافة، كان يجب أن تساهم به وإلا ستتحمل وحدها تكلفة باهظة الثمن، وهو ما جعلها تخسر أنصار الخروج الخشن والخروج الناعم في الوقت نفسه وحتى أنصار البقاء. أما الخطأ الثاني هو العودة إلى انتخابات مبكرة عام 2017 ما نتج عنه حكومة أقلية ونتج عنه البرلمان بتركيبته الحالية الذي يعد جزءاً كبيراً من المشكلة فهو لا يعطي أي جناح فرصة لفرض وجهة نظره، فمثلاً حزب المحافظين لا يحظى بأغلبية، بل يعتمد على الحزب القومي الإسكتلندي للحصول على الأغلبية، وحزب العمال بزعامة جيرمي كوربون لا يريد البقاء في الاتحاد الأوروبي ولا يمانع بريكست ناعم على غرار خروج النرويج ويريد بقاء بريطانيا في السوق الموحدة والدعم الجمركي ولكن ليس لديه الأغلبية لتمرير رؤيته.

الخطوط الحمراء
اعتبر خبراء أن الخيارات أمام تيريزا ماي باتت معدومة لأنها ستذهب إلى الاتحاد الأوروبي دون رؤية بعد رفض خطتها بهامش كبير، فلم يتبق أمامها إلا التنازل عن بعض من خطوطها الحمراء للدخول في مفاوضات جديدة مع الاتحاد الأوروبي، وإذا ما تم رفض خطتها مرة ثانية بالبرلمان سيكون أمامها عدة سيناريوهات، إما طلب وقف تفعيل المادة 50 من مجلس العموم وتأجيل الخروج دون اتفاق حرصاً على الوضع الاقتصادي للمملكة أو الخروج من دون اتفاق أو الدعوة إلى استفتاء ثانٍ على البريكست.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©