الإمارات في مجلس الأمن

00:21 صباحا
قراءة 3 دقائق

د.خليل حسين*

تسلمت الإمارات العربية المتحدة بداية شهر يناير/ كانون الثاني الجاري، مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بعدما انتخبت لهذا المقعد في يونيو/ حزيران الماضي. يذكر أن الإمارات تشغل هذا المنصب للمرة الثانية بعدما شغلته عامين متتاليين: 1986 و1987، في القرن الماضي.
 العضوية الحالية ستستمر لمدة عامين 2022 و2023 بصفة عضوية غير دائمة في مجلس الأمن، إلى جانب أربع دول تم انتخابها، هي: البانيا والبرازيل والجابون وغانا، إضافة إلى خمس دول غير دائمة تتابع عضويتها لعام واحد، وهي: الهند وكينيا وإيرلندا والمكسيك والنروج، وهي مجموعة العشر غير الدائمة في المجلس التي تشكل كتلة تبدو متجانسة إلى حد بعيد في الإطار السياسي لعمل مجلس الأمن، والتي من المتوقع ألا تعترض هذه الدول عقبات ذات شأن عند التداول في مواضيع ذات طبيعة خاصة، ما يسهل على الإمارات القيام بعملها بسلاسة ومرونة، لا سيما وأن ما تنتظره الإمارات في الفترة المقبلة العديد من الاستحقاقات الإقليمية والدولية التي ينبغي التعامل معها بدراية وموضوعية، في ظل أجواء دولية وإقليمية معقدة ومتشابكة الأهداف والمصالح.
 ثمة رأي شائع مفاده أن الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن لا يملكون الفعالية والقدرة المناسبة على تنفيذ سياسات دولهم، إلا أن التدقيق في الأمر يُظهر عدم صحة هدا الرأي، لاسيما وأن العديد من الصلاحيات المنفردة لمجلس الأمن، وأيضاً المشتركة مع غيرها من أجهزة الأمم المتحدة، تتيح للدول غير دائمة العضوية حرية الحركة والمناورة في أعمال المجلس، وطُرق الوصول إلى القرارات المستهدفة، إن كانت موضوعية، أو إجرائية.
 صحيح أن ثمة بعض الخصوصيات التي تطبع عمل مجلس الأمن، والتي من خلالها تحدد نسبياً سياقات العمل، إلا أن هناك العديد أيضاً من الاعتبارات الوازنة التي تتيح للدول العمل بما تستسيغ، وهي أمور وإمكانات تمتلكها الإمارات العربية المتحدة، وسبق أن جربتها بكفاءة وفعالية عاليتين.
 والأعضاء غير الدائمين في المجلس يعملون على قدم المساواة مع الأعضاء الدائمين، وفي بعض الحالات لا تستطيع الدول الخمس التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) من القيام بعمل ما من دون التنسيق والأخذ في الاعتبار مواقف الدول غير الدائمة.
 وفي مطلق الأحوال، ثمة قرارات لا يمكن تمريرها من دون موافقة تسع دول، وإن وافقت الدول الخمس الدائمة، وعليه تصبح هده الدول مركزاً للاهتمام والتواصل لتمرير أي قرار مفترض، بخاصة في القرارات الموضوعية التي تستلزم إجراءات خاصة في حال أن موضوع مشروع القرار، ومضمونه ليس معروفاً إن كان قراراً إجرائياً، أو موضوعياً.
 علاوة على ذلك، فإن أهمية العضوية التي تسلمتها الإمارات مؤخراً، تنطلق في الأساس من السياسات العامة الإقليمية والدولية التي تعتمدها الإمارات، وهي سياسات فاعلة وذات تأثير واضح في مجرى العلاقات السياسية والاقتصادية في العديد من الاتجاهات، العربية والإقليمية والدولية، وهي ترتكز في الأساس على أبعاد وخلفيات محددة، أبرزها أطر السلام ومكافحة الإرهاب والقضايا ذات البعد الدولي الإنساني، كقضايا المرأة وحقوق الإنسان، بشكل عام، علاوة على الجوانب الاجتماعية كمستويات السعادة الاجتماعية، وعلاوة على التطوير العلمي والذي كان أبرزه العام الفائت الدخول بثقة عالية مجال الاستكشاف الفضائي عبر «مسبار الأمل» الذي وصل إلى كوكب المريخ.
 تنتظر الإمارات العربية المتحدة مجموعة تحديات في مجلس الأمن خلال السنتين المقبلتين، باعتبارها تمثل الحضور، والصوت العربي في المجلس، بعدما حلت بديلاً عن تونس، إضافة إلى تمثيلها دول الخليج العربية، ومقعد آسيا، والبعد الإسلامي من خلال عضويته في منظمة التعاون الإسلامي، وبذلك، ستكون الإمارات محور جذب لتقاطع الكثير من التفاعلات، الإقليمية والدولية، ذات الوزن في المرحلة المقبلة.
* رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

دكتوراه دولة في القانون الدولي .. رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية واستاذ القانون الدولي والدبلوماسي فيها .. له أكثر من 40 مؤلفاً ومئات المقالات والدراسات البحثية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"