ختم التحقيق مع جعجع.. لا مذكرة إحضار ولا بلاغ بحث وتحرٍ

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط حال من الخمول الرئاسي والحكومي والمؤسّساتي على كافة مرابض الإنقاذ، وانتكاسات سلطة القانون وسطوة العدالة، معطوفةً على انهيارات في مختلف الأوضاع المعيشيّة والحياتيّة والماليّة، كان لبنان، الأربعاء، على مفترق خريطة طريقيْن، الغلبة فيهما للغة الشارع، إلا أنّ «أربعاء غضب» السائقين العموميّين، ووعدهم بقطع شرايين المدينة امتداداً إلى المحافظات على مساحة الوطن، تلاشيا بعد تراجع الاتحاد العمالي العام واتحاد النقل البري عن الإضراب العام، وتعليقه لشهرين إلى الأمام، بالتكافل والتضامن بين أولياء الأمر النقابي والسياسي.

وبالوعود، فُكّ «صاعق» أربعاء السائقين، وسلّم «أربعاء الغضب» جدول أعماله في قطع الطرق لتحرّك الحشد القوّاتي، في المناطق الممتدّة من «كازينو لبنان»، مروراً بالصرح البطريركي في بكركي، ووصولاً إلى منطقة معراب، حيث مقرّ إقامة رئيس حزب «القوات اللبنانيّة» سمير جعجع.

وذلك، تحت شعار عدم المسّ بالزعامة الحزبيّة لرئيس «القوّات»، وبالتزامن مع موعد دعوة الأخير إلى المثول أمام مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة فادي عقيقي. مع الإشارة إلى أنّ الحراك «القوّاتي» كان استبِق، الثلاثاء، بجولة لرأس الكنيسة المارونيّة على المقار الثلاثة، حيث رفع البطريرك بشارة الراعي مظلة الحماية لجعجع، مع تشديده على أنّ «الحلّ لن يكون بالشارع، ولا بالسلاح أو بفرض القوة» وعلى أنّ «السياسة هي فنّ استباق الأحداث».

أمّا في المقلب الآخر من الصورة، فحديث عن طرْح تمّ التوافق عليه، وسيكون كفيلاً بإعادة مجلس الوزراء إلى الحياة، إلا أنّ ما رشح عن هذا «الطرْح السحري» أثار أكثر من علامة استفهام، فقد قيل إنّ فحواه إحالة الوزراء والرؤساء والنوّاب السابقين، المستدعين أمام المحقّق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار، إلى «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء»، الأمر الذي يحصر صلاحيات البيطار بالموظّفين العاديّين وسواهم. أمّا في ما يخصّ مسألة استدعاء جعجع وتداعياتها، فقد علمت «البيان» أنّ هذا الملفّ خُتِم لدى مخابرات الجيش، وأصبح لدى النيابة العامّة العسكريّة، من دون إصدار مذكّرة إحضار أو بلاغ بحث وتحرٍ. وبمعنى أدق، طلب القاضي عقيقي ختم التحقيق، ولم يطلب أيّ خطوة أخرى.

وفي محصّلة مشهد الأربعاء، لم يمثل جعجع أمام القضاء، فيما اختار أنصاره تدعيم جدران مقرّ إقامته بسلسلة بشريّة في مواجهة القبضة القضائيّة، وذلك رفضاً لخطّة نجحت مبدئيّاً بشبْك الحِبال الحكوميّة والأمنيّة والسياسيّة والقضائيّة في ‏سلّة واحدة متداخلة الأهداف، بدءاً من محاولة إجهاض التحقيق العدلي في جريمة المرفأ، ‏وصولاً إلى محاولة تطويق «القوّات اللبنانيّة» وتجريمها في أحداث «الطيّونة»، إلا أنّ الوقائع الميدانيّة سرعان ما أعادت تقويض مفاعيلها، تحت وطأة الالتفاف ‏الشعبي والسيادي حول «معراب»، التي أطلقت على جبهتها نفير «استنفار قوّاتي عام» لصدّ ‏‏«غزوة عيْن الرمانة» المستمرّة، والتصدّي لها على كافة الجبهات، قانونياً وروحياً وسياسياً وشعبياً.

ووسط ارتفاع منسوب الكلام عن أنّ ملفّ المواجهات السياسيّة - القضائيّة سيبقى متوهّجاً ومنذراً بتفاقم التوتّرات، لم يحضر جعجع إلى وزارة الدفاع، تنفيذاً لورقة استدعائه الصادرة عن القاضي عقيقي، على خلفيّة أحداث «الطيّونة»، وذلك على خلفيّة استهلال وكلائه مسار المواجهة القانونيّة في هذه القضية، بتقديم مذكّرة إلى القاضي عقيقي، تبيّن عدم ‏قانونيّة تبليغ جعجع بالشكل الذي حصل.

وذلك، وسط معالم الاستنفار التي فرضت نفسها بقوّة على صورة المشهد «القوّاتي»، سواءً في ‏الميزان السياسي والإعلامي، أو في كفّة الميزان الشعبي. أمّا على المستوى الروحي، فقد طغت على شريط الأحداث الحركة المكوكيّة التي قام بها ‏البطريرك الماروني بشارة الراعي بين المقرات الرئاسيّة الثلاثة، والتي أفضت، بحسب تأكيد مصادر قوّاتيّة لـ«البيان»، إلى «لجْم» النزعة ‏الاستقوائيّة الهادفة إلى فرْض الخيارات والتوجّهات بالترهيب والتهديد المسلّح.

Email