الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«دفاتر الوراق».. الخوف يؤدي إلى الخراب حتماً!

«دفاتر الوراق».. الخوف يؤدي إلى الخراب حتماً!
12 مارس 2021 00:24

محمود إسماعيل بدر (أبوظبي)

تواكب «الاتحاد» الروايات المرشحة للقائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية في نسختها الرابعة عشرة للعام 2021، التي تعد من أهم الجوائز الأدبية المرموقة في العالم العربي، وتدار بالشراكة مع مؤسسة «بوكر» في لندن، وبدعم من دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي. وتهدف إلى مكافأة التميز في الأدب العربي المعاصر، وزيادة الإقبال على قراءة هذا الأدب عالمياً من خلال ترجمة روايات القائمة القصيرة إلى لغات رئيسة. ومنذ انطلاقتها في العام 2007 كسبت ثقة القراء والنقاد والناشرين العرب والأجانب، ودلتهم على أعمال عربية جديدة ونوعية.
يتكئ الكاتب والشّاعر الأردني جلال برجس في روايته «دفاتر الورّاق»، المرشحة للقائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية في نسختها الـ 14 للعام 2021، على توزيع الأماكن بين عمّان وموسكو، وعلى حكايات تروى عبر عدد من الدفاتر بين 1947 و2019، مستمداً فكرتها من جولة له في العاصمة الأردنية عمّان، ومشاهدة بيت قديم آيل للسقوط. 
تتناول الرواية يوميات ثلاثة أجيال؛ محمود الشموسي الأجير وراعي الأغنام الذي يصرّ على أن يصبح ابنه جاد الله طبيباً، لكنّه خيّب حلمه بدراسة الفلسفة في روسيا، التي عاد منها منكسراً بسبب وفاة زوجته الرّوسية، لينتهي به الأمر مشنوقاً في المطبخ. ومع توالي الأحداث، نعرف أن إبراهيم هو الشخصية المحورية في الرواية، يفقد كشك الكتب الذي ورثه عن أبيه بفعل متنفذين أقاموا مكانه سوقاً، وبدأ يشعر أن هناك صوتاً بداخله، يحرّضه على الانتقام، فينصاع له، متقمصاً شخصيات روايات كان قرأها، مثل سعيد مهران بطل رواية «اللص والكلاب»، ومصطفى سعيد بطل «موسم الهجرة إلى الشمال»، وكوازيمودو بطل «أحدب نوتردام»، حتى تحوّل إلى لصّ يسرق من الأغنياء لإيواء الأيتام والمشردين. وتمكنت رواية «دفاتر الورّاق» من استيعاب وقائع وحكايات غزيرة حملت في طياتها إسقاطات شتى وكوّنت صورة بانورامية لأزمات الواقع الحالي المتجذرة، غير المنفصلة عن إرث الكوارث والانهزامات الماضوية، وليس من المبالغة القول إن «دفاتر الوراق» هي الأكثر التصاقاً بالهامش وقاع المدينة، وككل روايات برجس يبرز المكان كهوية وفضاء وشخصية مؤثرة وفاعلة في الرواية. 
وتكشف الرواية الستار عن أزمة الإنسان في زمن ملتبس سياسياً واجتماعياً وثقافياً، وتضيء على ما يمكن أن يصاب به نفسياً جراء غياب العدالة الاجتماعية، وما يمكن أن تفرزه من فقر وتطرف، وتحيل القارئ إلى التفكر بمن سينتصر في حلبة الصراع، وكيف تتشابك حكايات الرواية ببعضها لتؤدي إلى مقولة مفادها: إن الخوف حتماً سيؤدي إلى الخراب. 
ولجأ المؤلف إلى أسلوب تعدد الرواة، وقد أوكل لكل شخص من شخوص روايته الذين يعانون أشكالاً من الاغتراب، مهمة قراءة دفتر من دفاتر الوراق هذه، إلى جانب استخدام تقنيات بوليسية ووعي نفسي تشويقي في سرد الأحداث. 
ويبدو برجس كاتباً استثنائياً لاختياره موضوعاً ذا صلة بالوراقة، الفن الذي ازدهر في الحضارة العربية الإسلامية، وربطه بالرّاهن بتناقضاته ومشكلاته كالتمايز الطبقي، والإعلام الموجه وقدرته على تحوير الحقائق، وفئة اللقطاء المنبوذة اجتماعياً، مع تركيز على صوت التّطرف والجهل كعوامل أدت إلى اختفاء ثقافة التسامح.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©