واللّيبراليّةُ في تعبيرها النّظريّ، من جون لوك إلى آدم سميث، لا تعدو أن تكون تنظيراً لحركةٍ اقتصاديّة انطلقت فعلاً، منذ القرن السّابع عشر، في إنجلترا - ابتداءً - ثمّ في فرنسا والولايات المتّحدة الأمريكيّة، قبل أن تبدأ في ألمانيا وإيطاليا فتشمل، بعد ذلك، سائر بلدان القارّة. وهي هي حركةُ الإنتاج الرّأسماليّ التي ستشهد على اندفاعتها الكبرى في القرن الثّامن عشر؛ في مناخ الثّورة الصّناعيّة. وقد استقامت وانتظم أمرُها على مقتضى مبدأ المزاحمة أو المنافسة بين قواها الرّأسماليّة من شركاتٍ ومجموعات مصالح.
غير أنّ احتداد المنافسة بين قواها أطاحها عند لحظةٍ من اشتدادها؛ أي عند اللّحظة التي تحوّلت إلى عبءٍ على بعضها، وإلى كابحٍ في وجه تعظيم مصالحه. وكانت النّتيجة أنّه شُرِع في تصفية المنافسة من طريق ابتلاع الأقوى فيها للأضعف، الأمر الذي تحوّلت معه إلى احتكار.
لم ينته الاحتكار بجلاء الاستعمار عن المستعمرات، تحت ضربات حركات التّحرّر الوطنيّ؛ بل هو استمرّ وتَعَاظَم قوّةً واتّسع نطاقاً أكثر من ذي قبل. ولقد بَدَا، في الحقبة ما بعد الكولونياليّة، في غيرِ حاجةٍ إلى جيوشٍ تَحْرُس له المصالح في بلدان الجنوب؛ فهو نجح - طَوال وجوده فيها - بالرّسملة والبنى التي ازْدَرَعَها فيها أن يشُدّها، بألفِ آصِرَةٍ، إلى المتروپولات الرّأسماليّة.
الإمارات العربية المتحدة أحدث الأخبار, الإمارات العربية المتحدة عناوين
Similar News:يمكنك أيضًا قراءة قصص إخبارية مشابهة لهذه التي قمنا بجمعها من مصادر إخبارية أخرى.