نهج جديد في تونس

04:35 صباحا
قراءة دقيقتين

يصر رئيس الوزراء التونسي المكلّف هشام المشيشي على الخروج عن نمط ونهج المحاصصة الحزبية في تشكيلة الحكومة الجديدة، التي كانت ترغب حركة النهضة في الاستئثار بها، خاصة بعد أن تمكنت بطرقها المختلفة من إفشال حكومة إلياس الفخفاخ، التي جاءت نتاجاً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وأفرزت خريطة سياسية مختلفة، كان من ضمنها وصول قيس سعيّد إلى منصب رئيس الدولة، فيما توزعت مقاعد البرلمان على الأحزاب.
ثمة تحركات سياسية تذهب إلى التنسيق لمحاصرة نفوذ حركة النهضة، التي تحاول الإبقاء على حضورها حتى وإن لم يكن رئيس الحكومة ينتمي إليها، مستغلة حصولها على المركز الأول في الانتخابات التشريعية، وهي لذلك تحاول قدر المستطاع التمسك بخيار أن يكون لها نصيب الأسد في الحكومة المقبلة لتصبح أداة طيعة لتوجهاتها السياسية، التي اتضحت كثيراً في التحركات التي قامت بها خلال فترة هيمنتها على الحكومة، وحصول زعيمها راشد الغنوشي على رئاسة البرلمان، الذي بات يكشّر عن أنيابه ويُفصح عن ميوله «الإخوانية» المتطرفة، وتجلّى ذلك في البدء بمد الخيوط إلى تركيا، بدليل الزيارة التي قام بها إلى أنقرة ولقائه الرئيس رجب طيب أردوغان قبل أشهر قليلة، من دون تنسيق مع مؤسسة الرئاسة.
المراقبون للمشهد السياسي يتوقعون مضي المشيشي في نهج غير معتاد للحياة السياسية التونسية، يتمثل في تشكيل حكومة كفاءات، خاصة أن الرجل غير منتمٍ إلى أي توجهات حزبية أو متحالف مع جهات من شأنها أن تعرقل حريته في اتخاذ قرارات تعيد التوازن إلى الحياة السياسية، بالذات وسط تجاذبات تشهدها البلاد منذ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تم إجراؤها خلال العام الماضي وحتى اليوم.
لا شك أن المشيشي يواجه تحديات كبيرة لإنجاح حكومة جديدة بعيداً عن المحاصصات الحزبية؛ لأن الاستحقاقات التي تنتظر تونس ليست هينة. فبعيداً عن الحسابات الحزبية الضيقة، تبقى الإصلاحات الاقتصادية وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة المختلفة الهم الأكبر للمواطن التونسي، الذي خسر الكثير من جراء التقلبات في السياسات الاقتصادية للدولة التي مرت بمرحلة انتقالية يجب التعاطي معها بنوع من الواقعية حتى تعود البلاد إلى المسار الصحيح والفاعل في محيطها الإقليمي والعربي والدولي.
من أجل هذا الهدف تحتاج تونس إلى عقلية جديدة تدير الحكومة المقبلة، تكون بعيدة عن الاشتباكات السياسية، التي لم تولد سوى أزمات داخلية، والتي أثرت في المسار السياسي بأكمله، وراكمت الكثير من التحديات التي يُطلب من الحكومة الجديدة التفرغ لها لنقل البلاد إلى مربع الأمن والاستقرار، بعد الهزات العنيفة التي تعرضت لها منذ ثورة الياسمين أواخر عام 2010، حتى اليوم.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"