حوادث مُميتة في «الشرقية».. وتحذير من إهمال اشتراطات السلامة

«الهايكنج» وجمع العسل وتسلّق الجبال.. هوايات تهدّد الحياة

صورة

تمثل جبال الفجيرة، خصوصاً جبال منطقة دبا والطويين، وجبال وادي الوريعة والطيبة، ومسافي ووادي العبادلة، وجهات مفضلة لكثيرين من جامعي العسل الجبلي، والسياح والزوار من داخل الدولة وخارجها.

كما تجتذب هواة رياضة تسلق الجبال والقمم، وهواة المشي على الأقدام في الطرق الوعرة (الهايكنج)، وهواة التخييم، بفضل ما تقدمه لهم من مناظر أخاذة وأجواء مميزة.

إلا أن جمال هذه المناطق محفوف بالمخاطر، إذ تشهد حالات متكررة من «فقدان طريق العودة» والحوادث، الأمر الذي يتسبب في وقوع إصابات أو وفيات.

وقد تمكنت فرق البحث والإنقاذ، بالتعاون مع شرطتي المنطقة الشرقية والفجيرة، من إنقاذ 17 شخصاً علقوا في جبال المنطقة الشرقية، وعثرت على خمس جثث لمتوفين ضلوا طريقهم في الجبال الوعرة خلال النصف الأول من العام الجاري.

وأكد رئيس المجلس البلدي لمدينة خورفكان، الدكتور راشد النقبي، أن البلدية عملت جاهدة بالتعاون مع جهات أخرى مختصة، على ترميم مسارات جبلية، ومهدت طرقها الوعرة، كبرج الرابي والعدوان وحصن خورفكان، فضلاً عن ترميم مشروع برج المقصار، وتمهيد المسار الجبلي، إلا أن خروج هواة المغامرة من مساراتهم يتسبب في فقدانهم الطريق ويعرضهم للخطر.

وأفاد مركز الفجيرة للمغامرات بأنه أطلق تطبيقاً ذكياً للرحلات والمغامرات الجبلية، بهدف حماية أصحاب الهوايات الجبلية من خطر الضياع، وفقدان التواصل مع الجهات الأمنية.

وأكد مسؤول المشاريع والتطوير في المركز، عمرو زين الدين، وضع التطبيق في أماكن عامة، بالتنسيق مع الشرطة و«الدفاع المدني» وفرق الإنقاذ، بحيث يتمكن هواة الرحلات الجبلية من تحديد طرق واضحة المسار وخالية من المعوقات.

ولفت إلى أن هواة الرحلات الجبلية والمائية سيخضعون لقوانين وأنظمة تحاسب من يخالفها، موضحاً أن التطبيق يظهر مدة الرحلة وإجراءات الأمن والسلامة الضرورية، ويحدد عدد الأشخاص واتجاههم، إضافة إلى تسجيل طلب يتضمن معلوماتهم الشخصية وموافقة على الشروط والأنظمة، إضافة إلى توعية الأشخاص الذين يعانون أمراضاً معينة بضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة.

وتابع أن التطبيق يؤمّن سلامة الأشخاص الذين ينطلقون في رحلات جبلية ومائية، عن طريق التعاون مع شرطة الفجيرة و«الدفاع المدني» وفرق الإنقاذ، بعد تمهيد المسارات الجبلية في جبال الطويين ووادي سهم ووادي الوريعة، وغيرها من الجبال الوعرة، حفاظاً على سلامة كل من يمارس رياضة التسلق ولديه حب المغامرة.

وعثرت شرطة الفجيرة، إثر عملية مسح شاملة للمنطقة، في يناير الماضي، على شاب مواطن من منطقة مسافي علق ليومين في الجبال.

وتمكنت شرطة الشارقة، بالتعاون مع شرطة أبوظبي، في فبراير الماضي، من إنقاذ رجل وزوجته تعرضا لإعياء شديد أثناء ممارسة رياضة التسلق بمسار أحد الجبال في مدينة خورفكان.

وكان الزوجان قد حضرا من إمارة أخرى وانطلقا في مغامرتهما، من دون أن يكونا مُلمَّين بطبيعة الجبال، ما جعلهما يفقدان طريق العودة.

وفي مارس الماضي، سجلت ثلاثة حوادث ضياع في المناطق الجبلية، أولها حين نفذ المركز الوطني للبحث والإنقاذ، بالتعاون مع شرطة المنطقة الشرقية و«الدفاع المدني» وجهاز حماية المنشآت الحيوية والسواحل، مهمة إنقاذ وإخلاء ثمانية أشخاص في خورفكان، كانوا قد علقوا عند قمة جبل في خورفكان.

وتبعت ذلك حادثة مأساوية في الشهر نفسه، إذ عثر المركز الوطني للبحث والإنقاذ وشرطة الشارقة، و«الدفاع المدني»، وفريق الإمارات للإنقاذ، ودائرة التخطيط والمساحة (فرع خورفكان)، على سبعة أشخاص كانوا قد فقدوا في إحدى المناطق الجبلية بمنطقة وادي الحلو التابعة لإمارة الشارقة، بعدما فوجئوا بسيل قادم نتيجة الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة يومها، وتمكنت الفرق من إنقاذ ثلاثة منهم، بينهم طفل نقل إلى المستشفى بوساطة بعض الموجودين في موقع الحادث، فيما عثر على الأربعة الآخرين وقد وافتهم المنية، وبينهم طفلان من أسرة واحدة.

وفي الشهر نفسه أيضاً، عثر بمنطقة جبلية في خورفكان على امرأتين أوروبيتين، تبلغ كلتاهما 33 سنة، وهما على قيد الحياة، من بين ثلاثة أشخاص مفقودين بإحدى المناطق الجبلية في خورفكان. وعثر فريق الإمارات للإنقاذ، لاحقاً، على المفقود الثالث (عربي - 35 سنة) وقد فارق الحياة في منطقة جبلية وعرة.

كما عثر المركز، في يونيو الماضي، على مواطن (24 عاماً) تاه في جبال دبا الفجيرة، وكان منهكاً صحياً وغير قادر على النزول من قمة الجبل.

هواة التسلق

قال هاوي تسلق الجبال في المنطقة الشرقية، راشد الزعابي، وهو من مدينة كلباء، إن حوادث فقدان الطريق تكررت في الآونة الأخيرة خلال رحلات جبلية في المنطقة الشرقية، وانتهى شغف بعضهم بحالات فقدان أو وقوع إصابات أو وفيات.

وأشار الزعابي إلى أن أغلب الأشخاص الذين يتوهون في الجبال، إما أن يكونوا غير ملمين بالطبيعة الجبلية للمنطقة الشرقية، وهي تختلف من جبل إلى آخر، أو يصاب بعضهم بإعياء بسبب ارتفاع درجات الحرارة وطبيعة الطقس في المنطقة التي تكون الرطوبة عالية بها في أغلب الأوقات، ما يتسبب في صعوبة نزولهم من قمم الجبال لعدم جاهزيتهم لممارسة رياضة التسلق.

وطالب الزعابي بتكثيف الدورات التدريبية لهواة تسلق وصعود الجبال، خصوصاً مع وجود جبال مجهزة لهذه الرياضة بمسارات واضحة عبر لافتات إرشادية.

وذكر أن «هنالك أجهزة خاصة بتحديد المواقع مزودة بخرائط محدثة للدولة، تحتوي على تفصيلات عن المناطق الجبلية، تساعد التائهين في الوصول إلى نقاط مهمة بالجبال، ليتمكنوا من النزول بشكل آمن دون أن يعرضوا أنفسهم للإصابات»، مؤكداً أنه «في حال فقد أحدهم طريقه في الجبال، فهو يحتاج إلى بعض المهارات الأساسية للبقاء على قيد الحياة، مثل طهي الطعام وإشعال النار، إضافة إلى إجراء الإسعافات الأولية».

ونصح الزعابي الراغبين في التسلق بتوفير كمية كافية من عبوات المياه، للمحافظة على رطوبة الجسم عند التعرض لأي موقف طارئ، إلى حين عثور الجهات المختصة عليهم.

ولفت محمد حسن الحمادي، من مدينة خورفكان، وهو من هواة تسلق الجبال، إلى أنه تربى في منطقة جبلية ذات طبيعة صعبة، وكان يقوم باكتشافها منذ طفولته، ويستطيع معرفة المناطق الخطرة فيها، مؤكداً أن «رياضة تسلق الجبال من الرياضات التي تحتاج إلى تدريب مسبق».

وأكد أن «على الشخص الذي يفكر في الخروج لخوض المغامرات أن يكون ضمن مجموعة، إضافة إلى اصطحاب خبير بالمناطق الجبلية، لأن تغطية الهواتف الذكية والنقالة عادةً ما تكون ضعيفة في هذه النوعية من المناطق، لذلك ينصح بالحصول على راديو بموجة قصيرة يتيح إرسال رسائل الاستغاثة عند الحاجة».

وتابع الحمادي أنه «سواء كانت الرحلة سيراً أو في السيارة، لابد من حمل نسخة مطبوعة من الخريطة التي توضح المسارات الجبلية وطبيعة الطرق فيها، لأن الخريطة تساعد على تحديد الموقع والاتجاهات الرئيسة، في حال نفاد بطارية جهاز تحديد المواقع، أو الهاتف الذكي».

اليماحي: جمع العسل.. مغامرة «حلوة»

يحافظ كثير من سكان الجبال على مهنة جمع العسل وجنيه من رؤوس الجبال العالية.

ويعد جني العسل وجمع خلايا النحل البري إرثاً تتناقله الأجيال، على الرغم مما يحفهما من مخاطر مرتبطة بطبيعة المنطقة الجبلية ووعورة مسالكها.

ويؤكد عبدالله علي اليماحي، وهو أحد هواة جمع العسل، أنه زاول هذه المهنة لحبه الكبير لها، إذ تُحقق له مردوداً مالياً مُرضياً، بفضل فوائد العسل في علاج الأمراض. ويضيف أنه ورث هواية جمع عسل النحل البري عن الآباء والأجداد. وقال: «هناك ثلاثة أنواع من نحل العسل تعيش في الطبيعة، أهمها النحل الجبلي، الذي يسكن الكهوف في الجبال، بسبب الحر الشديد، ويتميز هذا النوع بالشراسة، ويعد أكبر أنواع النحل حجماً، وهناك نوع آخر يسمى النحل القزم، وهو أصغر الأنواع، لكنه نادر جداً في المنطقة، أما النوع الثالث فهو النحل الذي يسكن الأشجار والجحور، ويبني بيته من أقراص عدة، ولا يتحمل البرد الشديد»، مؤكداً أن «معرفتي بطبيعة المناطق الجبلية سهلت لي مهمة تسلق الجبال، ولهذا فلا أواجه أي عقبات».

وحذر الراغبين في ممارسة هذه الهواية من الانخراط فيها من دون معرفة كافية بالعسل والمنطقة على حد سواء، لافتاً إلى وجود أنواع مختلفة من هذا المنتج الغذائي المهم، إضافة إلى صعوبات تهدد الحياة، مرتبطة بالطبيعة الجغرافية للمناطق الجبلية.


راشد النقبي:

«خروج المغامرين من مساراتهم يتسبّب في فقدانهم الطريق ويعرّضهم للخطر».

3

حوادث ضياع في المناطق الجبلية وقعت في مارس الماضي.

- تطبيق ذكي يُظهر مدة الرحلة وإجراءات الأمن والسلامة الضرورية.

تويتر