عادي
جراء أزمة فيروس كورونا

الحجر المنزلي بلا ملل .. واستثمار الوقت كلمة السر

04:57 صباحا
قراءة 7 دقائق
تحقيق: ميرفت الخطيب

وجد البعض في الحجر المنزلي جراء أزمة فيروس كورونا المستجد، فرصة لاكتشاف الذات وتنمية المهارات وتثقيف العقل بكل ما هو مفيد ونافع، وممارسة الهوايات المختلفة، والمساهمة في الأعمال التطوعية لاسيما في شهر رمضان المبارك، معتبرين أن الحجر المنزلي على الرغم من ملله، فإن تنظيم واستثمار الوقت بالمعرفة يجعله مشوقاً ومملوءاً بالمنافع على صعيد صفاء الذهن والعقل وإشغالهما بكل ما يرتقي ويسمو بالإنسان بدنياً وروحانياً بالقراءة والانفتاح على المعارف والعلوم المختلفة التي باتت مجانية على الأون لاين.
فرض هذا الواقع الذي نعيش، منظومة جديدة في حياتنا لم تكن اختيارية وإنما إلزامية إذا ما أردنا الحفاظ على أرواحنا وأرواح الآخرين، وهذه المنظومة كشفت عن ممارسات جديدة لم نعتدها يأتي في مقدمتها العمل عن بعد والأهم من ذلك مقاربة أفراد أسرتك على مدى 24 ساعة، فكيف نمضي هذه الأوقات؟


الاستثمار بالمعرفة


يقسم جمال بن حويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، أوقاته إلى أمور رئيسية وهي: تخصيص عدد من الساعات للعمل، وأخرى لممارسة الرياضة والهوايات، وهناك جزء كبير يخصصه للأسرة والأبناء، مشيراً إلى أن الأسرة استشعرت أدوارها الحقيقية نحو بعضها البعض في هذه الآونة وفي وجود جميع أفرادها بالمنزل معاً على مدى الساعات الطويلة، وبالتالي التفت كل فرد منهم إلى الاهتمام بالأمور الرئيسية في الحياة. ويرى أنه من الضروري جداً استثمار هذه الأوقات بالمعرفة والعلم، الأسرة اليوم تأخذ حيزاً كبيراً للاهتمام، خاصة أنه في الأيام العادية لم يكن الأمر متاحاً للتجمع لكون الجميع مشغول بأموره ومشاريعه وحياته، وقد فرض الحظر لكي تتوقف التجمعات وطلب من الموظفين العمل عن بعد ومن الطلبة التعلم عن بعد، للبقاء في المنزل حرصاً على سلامة الجميع، وعلينا أن نتوقف جميعاً عن التجمعات في أي مكان حتى تزول الغمة ويأتي الفرج من الله.
الناس بحاجة ماسة في الوقت الراهن إلى الحلول الذكية والإلكترونية، التي تمكنهم من أداء مهامهم المعتادة من المنازل بشكل آمن وسهل، وتوفر لهم الحلول لضمان استمرارية وصولهم للمعرفة بمجالاتها كافة، وهذه الأمور بالإمكان اكتساب ها من خلال الدورات التدريبية عن بعد والناشطة في هذه الأيام، كما تجب الاستفادة فعلياً من المنصات الإلكترونية وفيها آلاف العناوين الجاذبة والمتنوعة والتي توفر المعرفة التي نحتاج إليها ويحتاج إليها جيل اليوم للتعرف إلى ما يحصل في العالم، وهي متوفرة مجاناً وما عليك إلا الدخول إلى الموقع والتسجيل فيها، وهذا ما قمنا به في منصة مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، منصة فيها ملايين المواد وبالمجان كي تعم المعرفة.
وعلى الصعيد الشخصي فمنذ مدة طويلة لم أنته من قراءة مجموعة الكتب الجديدة التي أعددتها للقراءة وبسبب البقاء في المنزل أكاد أنتهي من قراءة المجموعة وسأبدأ في مجموعة أخرى حالما انتهي. أما الفوائد التي يراها من البقاء في البيوت والعمل عن بعد، فهي توفير المال، عودة التجمع الأسري، زيادة الخصوبة، عودة المهارات المنزلية، شعور الأطفال بوجود الوالدين بعد أن كانت الوالدة لوحدها، وزيادة قراءة الكتب.


استثمار أوقات الفراغ


ودعت الدكتورة أمل آل علي أستاذ مساعد في جامعة الشارقة ومستشار ابتكار وريادة أعمال، من خلال هذه السطور أفراد المجتمع إلى استغلال واستثمار أوقات الفراغ في هذه الفترة الحرجة من حياتنا واختيار الأمور الأقرب الى قلوبنا وبحسب هواياتنا، التي لم نكن نجد الوقت لإنجازها أو متابعتها، ومنها استخدام منصات التعلم الإلكترونية عن بعد لأخذ دورات في تخصصات مختلفة تفيدنا في حياتنا العملية والعلمية والاجتماعية.
كما ترى أن الوقت مناسب جداً لتعلم مهارة جديدة من خلال اليوتيوب، سواء كانت فنية أو في تنمية القدرات فكرية وهي متوفرة وبكثرة على المواقع والمنصات، وهنا تحكم ميول الشخص وتوجهاته في الاختيار.
ومن الأشياء المفيدة أيضاً تعلم لغة جديدة واستغلال الوقت لتحقيق هوايته في القراءة، ومن ثم يقوم بتلخيص الكتاب الذي قرأه. وتشير إلى أن ترتيب المنزل في العزل المنزلي فرصة لإجراء عملية جرد كامل على كل الأشياء والمقتنيات والتخلص من الألبسة التي لم تستخدم منذ وقت طويل، ومن ثم وضعها في أكياس ثم في الصناديق الخاصة بالمؤسسات الخيرية التي بدورها ترسلها للمحتاجين. وخلال العمل في ترتيب الأوراق والمستندات سوف نكتشف أن الكثير منها أصبح الاحتفاظ به غير مفيد بنسبة 60% وهي عبارة عن فواتير اتصالات قديمة أو حسابات بنكية أو صور جواز منتهي الصلاحية وغيره. فاعمدوا إلى تقطيعها قطعاً صغيرة لكونها تعتبر مستندات وشهادات ووثائق رسمية.
أما بقية الأوراق المهمة فاحتفظوا بها في أماكن آمنة واحتفظوا بنسخ منها في ملفات مرتبة ومعنونة ليسهل الوصول إليها. كما تنصح من لديه ميول فنية أن ينميها في هذه الفترة واستغلال فترة جلسة البيت في تعلم العزف على آلة موسيقية.


سعادة الوالدة ببقائي


صالحة غابش المدير العام والمستشارة الثقافية في المكتب الثقافي والإعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، تمضي أوقات العزل في عقد بعض الاجتماعات عن بعد مع الموظفات في العمل، وتقول: كما نحاول إيجاد شكل مختلف لتنفيذ البرامج الثقافية، وكان نتاج بعض النقاشات إنتاج كتاب إلكتروني وهو ما نعمل عليه حالياً، من وحي العزلة التي نعيش فيها وهو استكتاب بعض كتاب وأدباء الإمارات والخليج.
وكذلك قمنا بتنظيم حوار أدبي حول تناول موضوع الأوبئة في الأدب، والتساؤل الذي طرح وهو هل سيكون هناك أدب سيؤرخ لمرض كورونا كما الأوبئة الأخرى التي مر بها العالم؟ كما أقوم بمتابعة مجلة «مرامي» الصادرة عن المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وكنا انتجنا بعض الفيديوهات للتوعية من خلال حملة «ملتزمون يا وطن»، كما أن في الجعبة الكثير من المشاريع الأدبية والفكرية التي سيصار إلى تنفيذها من خلال المكتب الإعلامي والثقافي في المجلس. على الصعيد الشخصي حالياً أقوم بقراءة مجموعة من الكتب، وأكمل بعض المشروعات الكتابية التي بدأتها ولم استكملها بحكم الانشغال والتأجيل، فهناك رواية أقوم بتكملتها، وكتابان يدوران حول الشؤون الحياتية، وأشارك أيضاً في حديث العزلة أنا وبعض الكاتبات.
التواصل الأسري مع والدتي خاصة وهذا الأمر انعكس عليها بشكل إيجابي؛ بحيث جعلها تتمنى عدم عودتي إلى العمل والبقاء إلى جانبها في المنزل، وكذلك أمضي وقتي مع أحفادي في المنزل وأشاركهم في التعليم عن بعد وأتنافس معهم للإجابة حول بعض الألغاز، ومن يحب منهم أعمال المطبخ أشاركه فيها. كما أتواصل مع الصديقات عبر الأثير سواء الواتس آب أو الهاتف، ومتابعة بعض الأفلام، ولا ننسى متابعة الأخبار وخاصة آخر مستجدات هذا الوباء.


رب ضارة نافعة


تقول فاطمة المغني الباحثة في التراث الإماراتي: «رب ضارة نافعة» في هذا الحجر المنزلي خلال انتشار الوباء جعلنا نعيد حسابات كثيرة على سبيل أولها علاقة وارتباط الإنسان بربه أولاً كنا في عجلة من أمرنا، لكن وجودنا اليوم في المنزل طوال الوقت جعلنا حريصين على أداء الصلاة الجماعة مع أفراد أسرتي.
وكذلك الاجتماع على وجبات الغذاء والفطور والعشاء الأسرة كاملة تجتمع، بعدما كانت هذه اللمة صعبة بسبب انشغال كل فرد بوظيفته أو بمهامه، لكن اليوم وخلال أيام الحجر ووجود الأبناء في المنزل والكبار يعملون عن بعد أنا بيتي فيه أسرة ممتدة من الأجداد إلى الأبناء فالأحفاد. وبرجوعنا إلى هذه اللمة في الأسرة الممتدة كنا فعلاً نفتقده لزمن طويل.


تواصل إلكتروني


وبالنسبة لي شخصياً تجدني اليوم أعيد النظر في موضوع كتابة الكثير من المذكرات والأمور المؤجلة، التواصل الآن أصبح عن طريق المواقع الإلكترونية أكثر قرباً وبالعكس أجد أن تواصلنا اليوم مع الأهل والأصحاب والأقارب زاد في هذه الظروف للاطمئنان عنهم، وأصبحت لدينا مساحة كبيرة للاطمئنان على النواحي الاقتصادية ففي مثل هذه الأيام تعج الأسواق بالمشترين وهوسهم بالشراء بما لذ وطاب من الحاجيات الرمضانية، لكن هذا العام جاء رمضان بفكر أوسع من مجرد شراء الأكل والشراب؛ بل اليوم نرى نوعاً من التكافل الاجتماعي ومعدل الشراء أصبح بسيطاً وليس كالسابق، وابتعدنا عن التسوق العشوائي الذي كان يحصل بين الأسر، أصبح هناك وعي مجتمعي بضرورة وأهمية تكاتف الجميع على سبيل المثال المؤجرين والمستأجرين؛ بل أن البعض ذهب إلى إعفاء المستأجر من الإيجار خلال شهر رمضان المبارك، كنوع من الصدقة، قد نكون تباعدنا اجتماعياً، لكن حل مكانه التواصل بالرحمة، والإحساس بالآخر وبالمسؤولية. اليوم نحن أكثر وعياً بالأمور الصحية وبالتوصيات الطبية.
وأنا على ثقة بأننا سنخرج من هذه المحنة بشيء جيد وجميل لمصلحة الدولة وشعبها.


الحجر المنزلي رحمة


راية المحرزي رائدة في التطوع بالإمارات، رأت أن الحجر المنزلي هو رحمة من رب العالمين للأسر وللعباد جميعاً ليتسنى للإنسان أن يستغل الوقت بما هو مفيد له وللمحيطين به، خاصة أننا استقبلنا شهر رمضان الكريم، والذي له طقوس خاصة علينا القيام بها.
وقالت: لقد وضعت جدولاً خاصاً للأيام المقبلة، يأتي في أولوياتي ختم القرآن الكريم والدعاء لي ولأولادي وللمسلمين ولمن سكن هذه الأرض، ثم الصدقة لكونها تطفئ غضب الله وتحجب بينك وبين شروع البلاء.
والإجراء الثاني هو أني قمت بكتابة 30 صفحة، سأشارك بها الجمهور عن بعد والتي ستتناول العديد من الموضوعات الاجتماعية والنفسية والتوعوية الصحية وغيرها...وتعقب قائلة: في السابق كنت حريصة على زيارة الأرحام، لكن اليوم وبحكم الظروف والحجر المنزلي فأنا أتواصل معهم عبر الهاتف، حتى أني كنت أقوم بمهام توزيع المساعدات بنفسي وإيصالها إلى الناس في بيوتهم وكنا نعمل إفطاراً يومياً من خلال نصب خيام، لكن اليوم تغيرت الخطة بأن العمال سيقومون بتوزيع الإفطار على الأسر المتعففة وعلى العمال في المزارع، والصائمين في أماكنهم، حتى لا يتعرضوا لأي عدوى كانت، هذا إضافة إلى المؤن وكسوة العيد، وأنصح الجميع بالتقيد بالإجراءات الاحترازية والبقاء في المنزل والخروج للضروريات فقط.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"