«الكنيست» والشعبوية

02:41 صباحا
قراءة دقيقتين
يونس السيد

من النادر أن تتفق الأحزاب «الإسرائيلية»، على الرغم من الخلافات الكثيرة فيما بينها على قضية بعينها، كما هو الحال بالنسبة لمرشحة القائمة العربية المشتركة ل«الكنيست» هبة يزبك، حيث حشدت تلك الأحزاب يميناً ويساراً ووسطاً قواها لمنعها من الترشح لانتخابات «الكنيست» المقبلة.
الذريعة المستخدمة لإبعاد يزبك عن خوض هذه الانتخابات هي أنها داعمة ل«الإرهاب»؛ لأنها كانت يوماً ما قد أعربت عن أسفها لاغتيال مقاومين فلسطينيين وعرب، لكن هذا الإعراب عن الأسف كان كافياً لاحتشاد أحزاب اليمين واليسار في «إسرائيل» لتقديم طلب رسمي إلى ما يُسمى لجنة الانتخابات المركزية بإبطال ترشحها للانتخابات المقبلة. بادر إلى تقديم الطلب حزب «الليكود» بزعامة نتنياهو، قبل أن يتبعه حزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة ليبرمان بطلب آخر، وتحظى هذه المطالبة بدعم حزب الجنرالات «أزرق أبيض» بزعامة جانتس، وهي حادثة نادرة اتفقت فيها الأحزاب المتناحرة على السلطة على استبعاد مرشحة عربية من فلسطينيي 48، لم تكن مدججة بالسلاح ولم تشتبك مع جنود الاحتلال ولم تخطط لعملية فدائية.
وبحسب يزبك، فإن جميع الادعاءات الواردة في طلب استبعادها ردّتها في الماضي لجنة الانتخابات وما تُسمى المحكمة العليا «الإسرائيلية»، مشيرة إلى أن حزب ليبرمان يعيد طرح هذه الادعاءات لأهداف شعبوية فقط. ولكن إذا كان ليبرمان يحاول الاستثمار في قضية من هذا النوع، فماذا عن «الليكود» وزعيمه نتنياهو، وماذا عن جانتس وحزبه؟
الواقع أن الليكود له مصلحة في إضعاف وتهميش القائمة العربية المشتركة، وزرع الخلافات بين أعضائها؛ لأنه يُدرك تماماً أنه لن يحظى بدعم هذه القائمة في يوم من الأيام، لكن الغريب أن جانتس الذي حظي بتوصية عشرة من أعضاء القائمة العربية المشتركة من أصل 13 لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة بعد انتخابات سبتمبر/أيلول الماضي، يؤيد استبعاد يزبك من الترشح.
والأغرب من ذلك كله، أنه يدرك أن النتائج المتقاربة في الانتخابات المقبلة، تحتم عليه العودة للاعتماد على أصوات القائمة المشتركة للتوصية بتكليفه بتشكيل الحكومة، وهو الأمر الذي ألمح إليه د. أحمد الطيبي من «القائمة المشتركة»، مشيراً إلى أن «استبعاد يزبك سينظر إليه بشدة وسيكون تطوراً خطراً وسلبياً»، بمعنى أن جانتس لن يحظى بدعم «القائمة المشتركة» على الرغم من أنها قد تكون الأمل الوحيد المتبقي لديه في المساعدة على إطاحة نتنياهو، لكن كل ذلك يدل على أن خطوات جانتس للتفاهم مع «القائمة المشتركة» ليست سوى محاولة لاستغلالها في الضغط على «الليكود» وشركائه لا أكثر.
ولعل هذا بالذات ما يجب أن يدفع الأحزاب والقوى الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1948، إلى إعادة النظر ليس في تحالفاتها فقط، وإنما في مجمل مشاركتها في العملية السياسية «الإسرائيلية»؛ لأنه لا يزال ينظر إليها كديكور لتجميل هذه العملية، واستغلال هذه المشاركة في تسويق الديمقراطية «الإسرائيلية» أمام المجتمع الدولي، بينما هي في الواقع «ديمقراطية» لليهود فقط.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"