تونس تنتظر الإنقاذ

02:42 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

ينتظر التونسيون بفارغ الصبر أن تتشكل الحكومة الجديدة بقيادة الشخصية الأكفأ التي يختارها رئيس الجمهورية قيس سعيّد من بين قائمة من الأسماء تسلمها من الأحزاب الممثلة في البرلمان. وإذا كان هناك بعض التفاؤل بأن الحكومة الجديدة ستعبر بنجاح جلسة منح الثقة خلال أقل من شهر، إلا أن المناخ السياسي شديد التوتر يضع مزيداً من العقبات أمام جهود تذليل الصعاب وخلق الانسجام بين الأحزاب التي تعيش فيما بينها أجواء حرب فعلية.
الوضع المترهل الذي أصبحت عليه الساحة السياسية التونسية كانت مؤشراته واضحة منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية التي أنتجت برلماناً مشتت النواب والكتل، ثم بمجيء رئيس للبلاد من خارج الأطر التقليدية، مدفوعاً بقوة ناخبة لم تتوفر لأقوى الأحزاب. فاز برئاسة الجمهورية ورأسماله جملة من الشعارات والنوايا للتغيير وفتح باب الأمل أمام معظم التونسيين الذين طحنتهم، على مدى سنوات، الوعود الزائفة والخيارات الخاطئة والرؤية السياسية العشواء لكل المشاركين في العملية السياسية التي انطلقت بعد الإطاحة بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي في يناير 2011.
المشكلة الأكبر التي تواجه تونس في هذه المرحلة هي التنافر الواسع بين كل مكونات الواقع السياسي، فهناك رئيس للجمهورية غير مقتنع بالأحزاب ولا يؤمن بطروحاتها، ويكاد لا يعير لها وزناً، وفي المقابل هناك برلمان ما يفرق بين مكوناته أكثر مما يجمع، فضلاً عن تلغيمه بالخطابات الشعبوية من اليمين واليسار. ومن يتابع النقاشات الدائرة في الجلسات المفتوحة يكتشف أن مداخلات أغلب النواب منفصلة عن الواقع والانتظارات الفعلية للشعب، وكلٌ يحمل أجندة ومشروعاً ويقدم نفسه على أنه المنقذ الوحيد والجبار الذي لا يقهر.
تمر تونس بأزمة عنقودية متعددة الرؤوس لغياب مشروع سياسي واضح المعالم وقادر على الإقناع. وطوال سنوات، تم هدر وقت ثمين، وفي الأشهر الأخيرة تعمق الشرخ، وأضاع على البلد فرصاً كبيرة للنهوض والتقدم والترويج ما أضر بالتجربة الديمقراطية الوليدة وأصابها بكثير من التشويه. ورغم ذلك مازال هناك مجال للتدارك إذا تمثلت النخب السياسية التحديات الراهنة خير تمثل، واندفعت مخلصة إلى الإصلاح والالتزام بالقانون والإخلاص للمصلحة الوطنية فحسب. وربما يبدأ العمل الفعلي مع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة إحدى الشخصيات المطروحة، وفي مقدمتها رجل الدولة والاقتصاد حكيم بن حمودة، حيث تقول المؤشرات إنه الأقرب.
حين تتشكل الحكومة، يجب إنقاذ كل شيء في البلاد بالعمل والإصلاح والشفافية، بما يقود إلى إعادة التموضع في المكان الصحيح ضمن السياقات الإقليمية والدولية، فالصورة الخارجية هي انعكاس لما يجري في الداخل. وعلى سبيل المثال، لو كان الوضع طبيعياً لما تم استثناء تونس من حضور مؤتمر برلين حول ليبيا، وهي التي ترأس القمة العربية منذ مارس الماضي، وعضو غير دائم في مجلس الأمن منذ أسابيع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"